شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في التعزير

صفحة 303 - الجزء 5

  وأما النرد فللأخبار الواردة في النهي عنه وفي تحريمه عن النبي ÷، وروي: أنه ميسر العجم⁣(⁣١). ولا أعرف خلافاً في تحريمهما.

  وأما الشطرنج فلما روي عن أمير المؤمنين من النهي ومعاقبة من فعله وتحريق رقعته، ذكر يحيى بن الحسين #(⁣٢) عن علي # أنه جاز بقوم يلعبون بالشطرنج فلم يسلم عليهم، ثم أمر رجلاً من فرسانه فنزل فكسرها وحرق رقعتها، وعقل من كل واحد ممن لعب بها رجلاً، وأقامه، فقالوا: يا أمير المؤمنين لا نعود، فقال: (إن عدتم عدنا).

مسألة: [في جواز كسر الطنبور والشطرنج]

  قال: ويجوز كسر الطنبور والشطرنج وتحريق رقعته وما أشبه ذلك.

  وبه قال أبو يوسف ومحمد والشافعي.

  والأصل فيه أن كل شيء موضوعه المعصية يجوز كسره وإن أمكن الانتفاع به في غير المعصية، وذلك كالطنبور والعود والمزمار والدف وما أشبه ذلك، والحجة فيه ما حكى الله عن إبراهيم # في قوله: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَٰمَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَۖ ٥٧ فَجَعَلَهُمْ جُذَٰذاً}⁣[الأنبياء: ٥٨] أي: كسرها، فصار ذلك أصلاً لكسر كل ما موضوعه المعصية، ألا ترى أن الأصنام يجوز أن يقعد عليها وتجعل عليها الثياب وما يخشى عفنه إن وضع على الأرض؟ لكنها لما كانت موضوعة للمعصية استجاز إبراهيم كسرها. وروي عن النبي ÷: «بعثت بكسر المعزاف والمزمار»⁣(⁣٣) وروي أن علياً # حرق رقعة الشطرنج وكسر الشطرنج.


(١) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٧٧) وأمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢٦٣) عن علي #.

(٢) الأحكام (٢/ ٤٤٢).

(٣) أمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢٦٧) وأمالي أبي طالب (٥٤١).