شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الديات

صفحة 306 - الجزء 5

  ممن رووا ذلك، وقد قال خلاف ذلك مما لا يحتمل التأويل، فصار ما قلناه أولى بما⁣(⁣١) بيناه.

  وأيضاً هو محقون الدم على التأبيد في دار الإسلام فوجب أن تلزم له دية كاملة؛ دليله المسلم. وأيضاً الدية بدل المجني عليه، فوجب ألا يعتبر بالكفر والإسلام؛ دليله العبد إذا قتل، ألا ترى أن قيمته لا تتغير بالكفر والإيمان؟

  يؤكد ذلك: أن حقوق الآدميين كالديون والبياعات، وحقوقها لا يتغير فيها حكم الملي والذمي، فكذلك الدية؛ لأنها من حقوق الآدميين.

  فإن قيل: المرأة لما نقص دينها عن دين الرجل لقوله ÷: «ما رأيت ناقصات عقل ودين أملك لعقول ذوي الألباب منهن»⁣(⁣٢) وجب أن تكون ديتها على النصف من دية الرجل، فوجب أن يكون الذمي ديته دون دية المرأة؛ لنقصان دينه.

  قيل له: لو كانت الدية تعتبر بالدين كان يجب ألا يكون لهم شيء من الدية؛ لأنهم لا دين لهم، قال الله ø: {إِنَّ اَ۬لدِّينَ عِندَ اَ۬للَّهِ اِ۬لْإِسْلَٰمُۖ}⁣[آل عمران: ١٩] لكن الدية لم توضع على الأديان.

  فإن قيل: الثلث أقل ما قيل فيه، وهو مجمع عليه، ولا يجوز أن يزاد عليه إلا بدليل.

  قيل له: بالدليل قلنا بالدية الكاملة، وهو ما سلف، فوجب المصير إليه.

  على أن الاعتبار لو كان بالدين كان لا يجب أن تكون ديتهم على الثلث من دية المسلم؛ إذ ليس يجوز أن يقال: إن دينهم على الثلث من دين المسلمين.


(١) في (هـ): لما.

(٢) أخرج نحوه البخاري (١/ ٦٨) ومسلم (١/ ٨٦).