شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة

صفحة 313 - الجزء 5

  الرأس واللحية دية دية، وفي أشفار العينين⁣(⁣١) الدية، وفي كل شفر ربع الدية، وفي الحاجبين الدية. قال الشافعي: في جميع ذلك حكومة.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أن هذه الأشياء ليس لها منافع عظيمة، بل لا منفعة في بعضها، وفي بعضها منافع يسيرة، وقد ثبت في الديات أن معظم ما يراعى لإيجابها المنافع وإن روعي معها الجمال، فأما الجمال على الانفراد فلا تجب له الدية.

  والدليل على صحة هذا أن العين القائمة التي لا يبصر بها إذا فقئت فلا خلاف أن الواجب فيها حكومة، وكذلك لسان الأخرس واليد الشلاء التي تكون قد ذهبت منافعها وإن بقي جمالها، فإذا ثبت ذلك وثبت أن اللحية وشعر الرأس ليست لهما منافع، وإنما لهما الجمال، وكذلك الأهداب وشعر الحاجبين - وجب أن يكون الواجب في جميع ذلك حكومة، ألا ترى أن أبا حنيفة جعل في ثدي الرجل حكومة لما لم يكن فيه إلا الجمال، وجعل في ثديي المرأة الدية لما فيهما من المنافع.

  وغلظ الحكومة في اللحية وشعر الرأس لأن الشين فيهما أعظم. ويجب أن يكون معنى قوله: «تقارب الدية» ما زاد على نصف الدية⁣(⁣٢). وخفف في الأهداب وشعر الحاجبين لقلة الشين فيهما، فجعل دون نصف الدية.

  فإن قيل: روي عن علي #: (في الحاجبين الدية).

  قيل له: يجوز أن يكون أراد ما يقارب الدية، ويجوز أن يكون عبر عن الأرش المغلظ بالدية؛ للدلالة التي ذكرناها.

  فإن قيل: أليس روى محمد بن منصور أن رجلاً صب على رأس رجل ماءً حاراً فذهب شعره، فرافعه إلى علي # فضمنه الدية⁣(⁣٣).


(١) في (أ، ج): العين.

(٢) في (ب، د): ما زاد على النصف.

(٣) أمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢٢٥).