شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة

صفحة 322 - الجزء 5

  أرشها؟ فكذلك ما ذكرناه. على أن حكم الجناية موقوف على ما تؤول إليه، والدليل على ذلك أن من شج آمة أو منقلة أو جرح جائفة أو قطع ذراعه من الزند عمداً لم يكن في شيء منه قصاص، ثم لو مات من ذلك لاقتص من الجاني، فبان أن الجناية معتبرة بما تؤول إليه. وأيضاً إذا صارت نفساً صار الحكم لها وبطلت أحكام الجنايات.

  على أنا لو أوجبنا في مسألتنا دية الأنف والشفتين والبصر واقتصرنا عليها كنا قد أهملنا دية النفس، وذلك لا معنى له، ولو أخذنا مع تلك الديات دية النفس كنا أخذنا أرش تلك الأعضاء مرتين: مرة على الانفراد ومرة في دية جملة النفس، وهذا لا يجوز؛ لأنه لا خلاف أنه لا يجوز أخذ أرش⁣(⁣١) جناية واحدة مرتين، فلما بطل ذلك بان أن الجنايات إذا أدت إلى النفس بطلت أحكامها وصار الحكم للنفس. على أنه لا إشكال لو أن رجلاً أصاب عين آخر فعميت ثم مات أن ديته دية النفس، وأنه لا يجب نصف الدية للعين، كذلك إن كثرت الجناية إذا أدت⁣(⁣٢) إلى النفس.

مسألة: [فيما يجب فيمن لطم فابيضت عينه ثم انجلت]

  قال: ولو أن رجلاً لطم رجلاً فابيضت عينه وذهب البصر ثم انجلت وعادت إلى حالتها لم يكن فيها قصاص ولا دية، وكانت فيها حكومة⁣(⁣٣) على حسب ما مر به من الصعوبة⁣(⁣٤).

  وذلك أن ما لحقه كان عارضاً لا حكم له، واستبان ذلك بعود بصره كما كان، وهذا ما لا خلاف فيه، يبين ذلك أنه لو جناه على العبد لم ينقص من قيمته شيئاً،


(١) «أرش» ساقط من (أ، ب، ج، د).

(٢) في (هـ): إن كثرت الجنايات حتى أدت.

(٣) في (ب، د، هـ): الحكومة.

(٤) المنتخب (٥٩١).