شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة

صفحة 330 - الجزء 5

  والدليل على ما قلنا: أن النبي ÷ أوجب فيه الغرة، ولم يفصل فيه بين الذكر والأنثى، وقدر القيمة بنصف عشر الدية المطلقة؛ لأن الدية المطلقة مائة من الإبل؛ لقوله ÷: «في النفس مائة من الإبل»، ثم جعل دية المرأة نصف الدية المطلقة، فأوجبنا نحن في جنين الأمة نصف عشر قيمته؛ لأن قيمته هي القيمة المطلقة، ولم نعتبر الذكر والأنثى؛ لأن النبي ÷ لم يعتبر ذلك.

  على أن قولهم هذا يؤدي إلى أن تكون الأنثى أحسن حالاً من الذكر فيما هو جارٍ مجرى الدية، وذلك عكس الشريعة، ألا ترى أن الجنين في باب القيمة يتفاوت فيه الذكر والأنثى، وربما كانت الأنثى أكثر قيمة من الذكر⁣(⁣١)؟ فإذا أوجبنا في الأنثى عشر⁣(⁣٢) قيمتها وفي الذكر نصف عشر قيمته جعلنا الذكر فيه على النصف أو أقل من الأنثى، فوجب بطلان هذا القول.

  فأما ما ذهب إليه الشافعي من الاعتبار بالأم فهو فاسد؛ لأنه لو كان من مولاها لم يعتبر بالأم، كذلك إذا كان من غير مولاها؛ بعلة أن الجناية عليه لا على الأم. والأصول تشهد لنا؛ لأن كل ما يجنى عليه يعتبر حاله بنفسه دون أبويه. وأيضاً لا خلاف أنه لا يعتبر بأبيه، فوجب ألا يعتبر بأمة، والعلة أن كل واحد منهما غير المجني عليه، فإذا سقط ذلك بطل ما قاله الشافعي.

  وأما ما قاله أبو يوسف فإنما بناه على أصله في [أن]⁣(⁣٣) الجناية على العبد توجب⁣(⁣٤) ما نقص من قيمته، ونحن نبين فساد ذلك، ونبين أن الجنايات⁣(⁣٥) على


(١) يقال: هذا الإلزام مشترك؛ فإنكم أوجبتم في الأنثى نصف عشر قيمتها، فما لزمهم لزمكم، فينظر. (من هامش هـ). يعني: ما دام أن الأنثى قد تكون أكثر قيمة من الذكر فيلزم أن تكون الأنثى أحسن حالاً من الذكر فيما هو جار مجرى الدية على قولكم: إن الواجب في كلٍّ نصف عشر قيمته.

(٢) في (ب، د، هـ): ربع عشر قيمتها.

(٣) ما بين المعقوفين من شرح القاضي زيد.

(٤) في (أ، ب، ج، د): فوجب.

(٥) في (هـ): الجناية.