شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يلزم العاقلة

صفحة 357 - الجزء 5

مسألة: [في أن دية جناية الصبي عمداً أو خطأ على العاقلة]

  قال: ودية جناية الصبي على العاقلة، ولا فصل بين عمده وخطئه⁣(⁣١).

  وذلك لقوله: «رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم» ولأن جنايته وإن كانت عمداً فلا قصاص فيها، فبان أنه خطأ حكماً وإن كان منه قصد كالمجنون، فإذا كان كذلك وجب أن تكون⁣(⁣٢) العاقلة تتحمل خطأه وعمده جميعاً؛ إذ العمد منه خطأ حكماً.

فصل: [في أن الجاني لا يحمل شيئاً من العقل إن كفت العاقلة]

  والجاني لا يتحمل من العقل شيئاً⁣(⁣٣).

  وكذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يتحمل كما يتحمله⁣(⁣٤) واحد من العاقلة.

  ووجه قولنا: أنه يحمل عنه تخفيفاً عليه، فلو حملناه أبطلنا ما إليه قصدنا، ولأن النبي ÷ لما قضى بالدية على العاقلة لم يقل: والجاني يكون كأحدهم، وكذلك ما روي عن علي # أن ديات الخطأ كلها على العاقلة لم يشترط أن يكون الجاني كأحدهم، وعمر لما قال: أقسمت عليك لتجعلنها على قومك لم يقل: وأكون⁣(⁣٥) كأحدهم، وعلي لم يأمره بذلك، فبان أنها تلزم العاقلة دون الجاني. وأيضاً قد ثبت أن العقل موضوع على النصرة، فلو أدخلنا الجاني فيه جاز أن يكون الجاني امرأة أو صبياً، وهما ليسا من أهل النصرة، فنكون قد أدخلنا في العقل من ليس من أهل النصرة، وهذا نقض موضوع العقل.


(١) الأحكام (٢/ ٢٢٣) والمنتخب (٦٠٧).

(٢) في (ب، د، هـ): تلزم.

(٣) الأحكام (٢/ ٢٢٩).

(٤) في (ب، د): يتحمل ما يتحمله. وفي (هـ): يتحمل كما يتحمل.

(٥) في (أ، ب، ج، د): فأكون.