كتاب الطهارة
  له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه»(١).
  وقد اقتضى ظاهر الحديث أن التسمية شرط في الوضوء، إلا حيث يقتضي الدليل خلافه، وذلك في حال السهو فإنه مخصوص بالإجماع.
  فإن قيل: هذا الخبر لا ظاهر له، وذلك أنا نعلم أن الوضوء يقع ممن لم يذكر اسم الله عليه، فلا بد من أن يكون معناه نفي الإجزاء أو نفي الكمال، وإذا لم يكن بد من التأويل لم يكن أحد التأويلين أولى من الآخر، فلا يكون في الظاهر دليل.
  قيل له: هذا الذي ادعيت عندنا لا يصح في الأسماء الشرعية، والوضوء من أسماء الشرع، ويبين ذلك أن الشرع إنما يقتضي كون الوضوء وضوءاً متى وقع على الصحة، فأما إذا وقع على الفساد فالاسم يجري عليه من جهة الشرع على سبيل التوسع، وإذا كان ذلك كذلك لم يصح قولك: إن الوضوء يقع ممن لم يذكر اسم الله عليه؛ لأن ذلك عندنا ليس بوضوء، وإذا كان ذلك كذلك وجب حمل اللفظ على ظاهره، وظاهره يبين أن من غسل أعضاءه ولم يذكر اسم الله عليه لم يتوضأ؛ لأن النفي يتناول الوضوء. على أن الأسماء اللغوية إذا ورد النفي عليها أيضاً وجب عندنا حمله على نفي الإجزاء والكمال جميعاً، وشرح ذلك يخرجنا عن المسألة.
  ويدل على ذلك أيضاً: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني، قال: حدثنا علي بن محمد بن هارون الروياني، قال: حدثنا محمد بن أيوب الرازي، قال: أخبرني يحيى بن هاشم، قال: حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن ابن مسعود، قال: سمعت رسول الله ÷ يقول: «إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله عليه؛ فإنه يطهر جسده كله، وإن لم يذكر اسم الله عليه لم يطهر إلا ما مر عليه الماء».
  وقد ثبت أن المصلي مأخوذ عليه طهارة بدنه، فإذا قال ÷: لا يطهر بدنه كله بالوضوء إلا مع التسمية ثبت وجوبها.
(١) شرح معاني الآثار (١/ ٢٦).