باب القول فيما تضمن به النفس وغيرها وما لا تضمن
مسألة: [فيمن عض يد آخر ظلماً فانتزعها المعضوض وقلع سناً من أسنان العاض]
  قال: ولو أن رجلاً عض يد رجل ظالماً فانتزع المعضوض يده من فيه فقلع سناً(١) من أسنانه فلا شيء عليه، لا دية(٢) ولا قود(٣).
  وحكي عن ابن أبي ليلى أنه يضمن، ولم يبلغني عن غيره فيه خلاف.
  ووجهه: أنه مأذون له في دفع الظلم عن نفسه ولو بقتل الظالم إذا لم يمكن سواه، وليس قلع أسنانه بأعظم من قتله، ولو لم يمكن تخليص يده من فيه إلا بقتله لم يلزمه في قتله شيء، فكذلك في قلع أسنانه، وروي عن النبي ÷ أنه سئل عن ذلك فقال: «أيدع يده في فيك تقضمها كأنها في فم فحل؟» ولم يقض فيه بشيء(٤).
  وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أن رجلاً عض يد رجل فانتزع يده من فيه فسقطت ثنيتاه فلم يجعل عليه شيئاً، وقال: (أيترك يده في فيك تقضمها كما يقضم الفحل؟)(٥) فكل ذلك دل(٦) على أنه هدرٌ.
  قال: ولو أن رجلاً راود امرأة عن نفسها حراماً فلم تجد إلى دفعه سبيلاً إلا بقتله فقتلته دفعاً له عن نفسها فلا دية له ولا قود(٧).
  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأن الواجب عليها أن تمتنع وتدفعه(٨) عن نفسها(٩) بكل ما أمكنها وإن بلغ ذلك جرحه أو قتله، فإذا قتلته فلا شيء عليها.
(١) في (أ، ج): شيئاً.
(٢) «لا دية» ساقط من (ب، د). وفي (هـ): لا قود ولا دية.
(٣) الأحكام (٢/ ٢٣٨).
(٤) أخرجه البخاري (٦/ ٣) ومسلم (٣/ ١٣٠١).
(٥) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٣٥).
(٦) في (هـ): دال.
(٧) الأحكام (٢/ ٢٣٥).
(٨) في (ب، د، هـ): أن تمنع وتدفع.
(٩) «عن نفسها» ساقط من (هـ).