باب القول في القصاص
  قيل له: ذلك مخصوص بما قدمناه.
  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷: «المسلمون تتكافأ دماؤهم»(١).
  قيل له: يحتمل أن يكون المراد في الحرمة وتعظيم سفكه؛ إذ لا تكافؤ بالإجماع من جهة الدية، فإن العبيد تختلف دياتهم على مقادير قيمهم، والمرأة ديتها على النصف من دية الرجل(٢)، فجاز ألا تتكافأ في القصاص، وأن يكون المراد ما قلناه.
  [وأيضاً لا خلاف أن دم الأب والابن لا يتكافآن في القصاص وإن تكافآ في الدية](٣).
  فإن قيل: فقد روي: «من قتل عبده قتلناه، ومن جدع أنفه جدعناه»(٤).
  قيل له: هذا الظاهر لا دليل لكم فيه، وذلك أنه لا خلاف بيننا وبينكم أن السيد لا يقتل بعبده، وأنه لا قصاص بين العبيد والأحرار في الأطراف، وإذا لم يدل ظاهره على موضع الخلاف كان تأويله عندنا أن يقتله على وجه السعي في الأرض بالفساد والمحاربة، فيقتل عندنا حداً لا قصاصاً. وإذا لم نختلف أن السيد لا يقتل بعبده وجب ألا يقتل بعبد غيره، والعلة أنه(٥) ليس بمالٍ فلا يجب(٦) أن يقتل بما هو مال، وقياس على البهيمة أيضاً. وأيضاً قد ثبت أنه لا يحد إن قذف العبد، فكذلك لا يقتل إن قتله. على أن العبد أنقص حالاً من الحر في عامة الأحوال، فوجب أن يكون كذلك في القصاص، والله أعلم.
(١) أخرجه أبو داود (٢/ ٢٨٥) وابن ماجه (٢/ ٨٩٥).
(٢) «من دية الرجل» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) أخرجه أبو داود (٣/ ١٧٩) والترمذي (٣/ ٧٨).
(٥) أي: الحر. (من هامش هـ).
(٦) في (هـ): فلا يجوز.