كتاب الديات
  قال: وكذلك إن قتل المسلم كافراً ذمياً أو غير ذمي لم يقتل به(١).
  وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يقتل به.
  والدليل على صحة قولنا: ما روي من قوله ÷: «لا يقتل مسلم بكافر»(٢) وهو عام في جميع الكفار.
  فإن قيل: فقد روي معه: «ولا ذو عهد في عهده»(٣) فكان تقديره: لا يقتل مسلم بكافر، ولا يقتل ذو عهد في عهده بكافر، فلا بد فيه من ضمير، وإذا كان كذلك فالمراد به المستأمن(٤).
  قيل له: أول ما في هذا أن اللفظة الأولى قد رويت منفردة عن اللفظة الثانية، وذلك يقتضي عمومها في الكفار أجمع. على أن اللفظة متى أجري أمرها على الظاهر ولم يثبت فيها ضميرٌ لم تدل على ما قلتم، وذلك أن التقدير فيه إذا كان على ما قلناه كأنه قال: لا يقتل مسلم بكافر، ولا يقتل ذو عهد في عهده، فيكون الكلام قد دل على أن المسلم لا يقتل بكافر، وأن العهد يحقن دم ذي العهد فلا يقتل مع عهده كما يقتل من لا عهد له، وهذا هو ظاهر اللفظتين، ولا بد على الأقوال كلها من إثبات الضمير الأول، وهو القتل، وما قالوه لا يتم إلا بإثبات ضمير ثانٍ، وهو أن يقدر: ولا ذو عهد في عهده بكافر، وهذا الضمير الثاني لا يفتقر الكلام إليه، وليس فيه ما يدل عليه، فيجري مجرى إثبات لفظ لا دليل عليه؛ لأن الضمير بمنزلة اللفظ، ومتى كان ذلك كذلك سقط حكم هذا الضمير، وإذا سقط حكمه بطل ما تعلقوا به، وصح ما ذهبنا إليه.
(١) الأحكام (٢/ ٢٢٧) والمنتخب (٦١٠).
(٢) أخرجه البخاري (١/ ٣٣) والترمذي (٣/ ٧٧).
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٥٤).
(٤) في (هـ): فالمراد به غير المستأمن. وظنن بـ «غير» في (ب، د).