شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الديات

صفحة 405 - الجزء 5

  فِيهَا أَنَّ اَ۬لنَّفْسَ بِالنَّفْسِ}⁣[المائدة: ٤٥] وغيرها.

  على أنا نعارض هذا بأن نجعله ابتداء دليل، وهو ما روي من قوله ÷: «في النفس مائة من الإبل» فأوجب ذلك في كل نفس؛ لأن دخول الألف واللام يوجب التعميم، فإذا ثبت ذلك ثبت في قتل المسلم لكل كافر مائة من الإبل، وثبوته يوجب سقوط القصاص بإجماع المسلمين أن⁣(⁣١) الدية التامة والقصاص لا يجتمعان.

  فإن قيل: روي عن عبدالرحمن بن البيلماني⁣(⁣٢) أن رسول الله ÷ أتي برجل من المسلمين قتل معاهداً من أهل الذمة فأمر به فضربت عنقه، وقال: «أنا أولى من وفى بذمته»⁣(⁣٣) وروي أيضاً عن علي # أنه قتل مسلماً بذمي ثم قال: (أنا أولى من وفي بذمة محمد ÷)⁣(⁣٤).

  قيل له: يحتمل أن يكون المسلم قتل الذمي على وجه المحاربة والفساد في الأرض فوقع القتل حداً ولم يقع قصاصاً، كما تأولنا قوله ÷: «من قتل عبداً قتلناه».

  وأيضاً قد ثبت أن حقن دمه لا لدينه اختياراً ولا حكماً، فوجب أن لا يقتل المسلم به قياساً على المستأمن وعلى الراهب والشيخ الفاني إن قتلهم مسلم، ولا يعترضه أطفال المسلمين؛ لأن الدين قد ثبت لهم حكماً وإن لم يثبت اختياراً.

  فإن قيل: قد أجمعوا على أن ذمياً لو قتل ذمياً ثم أسلم القاتل أنه يقتل به، وهذا قتل المسلم بالكافر.

  قيل له: هذا استحق القتل قبل الإسلام، فإسلامه لم يزل عنه حقاً لزمه، كما


(١) في (هـ): لأن.

(٢) في المخطوطات: السمان. والمثبت هو الصواب.

(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ١٥٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٥٦).

(٤) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٣٤).