شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الديات

صفحة 404 - الجزء 5

  فإن قيل: اللفظ الأول⁣(⁣١) المراد به هو القصاص، والضمير الذي أثبتموه هو قتل ليس بقصاص، وليس هذا حكم الضمير؛ لأن الضمير يجب أن يرجع إلى المنطوق⁣(⁣٢) به ليصح كونه ضميراً، ومتى كان ذلك كذلك فيجب أن يكون تقدير الكلام: لا يقتص من مسلم بكافر، ولا يقتص من ذي عهد في عهده، فيجب لا محالة إثبات ضمير آخر حتى يكون تقديره: ولا يقتص من ذي عهد في عهده بكافر.

  قيل له: اللفظة الأولى هو القتل، ويجوز أن يكون الضمير الثاني أيضاً هو القتل، وإن كان القتل الأول قتلاً على صفة، والضمير قتلاً على صفة أخرى بعد أن يشتركا في كونهما قتلاً، مثال ذلك: أنه يصح أن يقول الإنسان لا تصح مع كشف العورة صلاة الرجل ولا صلاة المرأة، ويكون الضمير فيه: مع كشف العورة صلاة المرأة، وإن كان ما يريد بالعورة من الرجل⁣(⁣٣) خلاف ما يريده بالعورة من المرأة؛ لأن عورة الرجل ما بين السرة إلى الركبة⁣(⁣٤)، وجسد المرأة كله عورة خلا الوجه، فصح الضمير مع اختلاف المرادين لاشتراك الضمير للمظهر في كونهما عورة، كذلك ما اختلفنا فيه لاشتراكهما - أعني الضمير والمنطوق به - في كونهما قتلاً، وإن كان المنطوق قتلاً على صفة والضمير قتلاً على صفة أخرى.

  على أن قوله: «ذو عهد» ينتظم الذمي والمستأمن، فهو محظور الدم ما دام في عهده من الذمة والاستئمان.

  وبما اعتمدناه نخص جميع الظواهر التي يتعلقون بها، من قوله ø: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ اُ۬لْقِصَاصُ فِے اِ۬لْقَتْلَيۖ}⁣[البقرة: ١٧٨] وقوله: {۞وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ


(١) أي: لا يقتل مسلم.

(٢) في (هـ): الملفوظ.

(٣) في (أ، ج): ما يريد من العورة بالرجل.

(٤) في (أ، ج، هـ): الركبتين.