شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في القصاص

صفحة 407 - الجزء 5

  فإن قيل: روي عن علي # وغيره من الصحابة أن عين الأعور بمنزلة العينين⁣(⁣١).

  قيل له: يحيى بن الحسين لم يصحح هذه الرواية عن علي # في الأحكام، بل ضعفها، وظاهرُ ما روى عنه زيد بن علي $ من قوله: (في العينين الدية، وفي كل واحدة منهما نصف الدية) يدل على بطلان هذه الرواية، فإن كان قال بذلك بعض الصحابة فلا يجب علينا القول به؛ لأن كثيراً من الصحابة قالوا بأقاويل عندنا وعند مالك باطلة، كما روي في المهر، وإبطال العول، وما أشبه ذلك.

  فإن قيل: إن عين الأعور بمنزلة العينين؛ لأن نور إحداهما ينتقل إلى الأخرى - كان هذا كلاماً لا يقوله محصلٌ لوجهين:

  أحدهما: أنه ليس في العقل ولا الشرع ولا التجارب ما يدل على ذلك.

  والثاني: أن ذلك وإن صح فلا معتبر⁣(⁣٢) بكثرة شعاع العين، ألا ترى أن الشاب الطري يكون شعاع عينيه أكثر من شعاع عيني الشيخ الهم⁣(⁣٣) بأضعاف مضاعفة، وهذا مما نعرفه ضرورة؟ ولا خلاف أنه لا فصل بين عيني الشاب وعيني الهم في القصاص وفي الدية، فبان أن كثرة الشعاع لا معتبر به. ولا خلاف أن يد الأقطع لا تقوم مقام اليدين في الدية والقصاص، فوجب أن تكون عين الأعور كذلك؛ لأن كل واحد⁣(⁣٤) منهما اثنان في أصل الخلقة السوية، فلا يجب أن تكون الواحدة بمنزلة الاثنتين.

  فأما وجه ما في المنتخب فهو ما ذكرناه على طريق السؤال وأجبنا عنه.


(١) انظر السنن الكبرى للبيهقي (٨/ ١٦٤، ١٦٥).

(٢) في (هـ): يعتبر.

(٣) في (ب، د، هـ): الهرم.

(٤) في (أ، ج): واحدة.

(*) لفظ شرح القاضي زيد: وأن كل عضو هو في أصل الخلقة اثنان فالواحد منهما لا يجري في القصاص والدية مجرى الاثنين، كيد الأقطع فإنها لا تكون بمنزلة اليدين.