كتاب الديات
  قيل له: هذا فاسدٌ بالإجماع؛ لأن النفس ليست من ذوات الأمثال؛ دليله أن من غصب عبداً فتلف على يده ليس يلزمه مثله، وإنما يلزمه قيمته. وأيضاً لو كان المستحق بالقتل هو القود كما تقول في ذوات الأمثال لوجب أن يستوي فيه العمد والخطأ؛ لأن من استهلك شيئاً لغيره(١) من ذوات الأمثال فالواجب مثله، سواء استهلكه عمداً أو خطأ. وأيضاً لو روعي فيه ما يراعى في ذوات الأمثال لوجب أن تراعى فيه صفات المقتول والمأخوذ قوداً، كالصغر والكبر، والحسن والقبح، والطول والقصر، وما جرى مجرى ذلك، فلما لم يراع فيه شيء من ذلك علم بطلان ما ذهبوا إليه من حديث المثل وما يجب فيه.
  على أنا قد بينا أن وجوب القصاص فيه كوجوب الدية، فلا وجه لهذا القول، وهو قول من قال(٢): إن الرجوع إلى الدية هو برضا القاتل.
  فإن قيل: فقد روي في بعض الأخبار: «إما أن يقتل وإما أن يفادي»(٣) والمفاداة(٤) تكون بين الاثنين(٥).
  قيل له: نحن لا ننكر ذلك، ومعناه الصلح، وعندنا أنه إن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية، وإن شاء رضي بالمفاداة، وهي المصالحة على القليل أو الكثير(٦)، فكل واحد من ذلك يثبت(٧) فيما(٨) ورد من الشرع به.
  على أنه لا خلاف أن دخول العفو في بعض الدم ينقل الباقي إلى الدية من غير
(١) في (أ، ج): لأن من استهلك لغيره. وفي (ب، د): لأن من استهلك مالاً لغيره.
(٢) في (ب، د، هـ): فلا وجه لقول من قال.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٧/ ٤٠٦) والدارقطني في السنن (٤/ ٨٩).
(٤) في (أ، ج): والمفادى.
(٥) في (هـ): اثنين.
(٦) في (هـ): والكثير.
(٧) في (د، هـ): ثبت.
(٨) في (أ، ج): مما.