باب القول في القصاص
  إذا عفا بعض أولياء الدم وأسقط القود فلا خلاف أن القود يسقط بواحدة، وأن حق الباقين ينتقل إلى الدية؛ لأن القود لا يتبعض، فإذا دخل العفو في بعض الدم دخل في باقيه.
  وقلنا: إن نصيب من عفا لا يسقط الدية(١) لأن الواجب كان أحد شيئين على ما بيناه: القود، أو الدية، فعدوله عن القود وإسقاطه إياه لا يوجب سقوط نصيبه من الدية، ولا وجه لما حكي من أحد قولي الشافعي إن العفو عن الدم يسقط الدية إن لم يختر الدية حين(٢) العفو عن القود؛ لما بيناه من أن القود والدية جميعاً واجبان على طريق التخيير. وأيضاً لو كان سقوط القود يوجب سقوط الدية لوجب أن تسقط الدية رأساً كما يسقط القود رأساً، فلما ثبت أن القود يسقط بعفو الواحد من الأولياء وتبقى حصص الباقين من الدية، وصح أن سقوط القود لا يوجب سقوط الدية فوجب(٣) ألا يسقط نصيب الذي عفا عن القود من الدية كما لم يسقط نصيب الباقين، إلا أن يكون أيضاً أسقط نصيبه من الدية، ونكتة هذا الباب أن سقوط القود لا يوجب سقوط الدية، ويكشف بالآمة والجائفة والمنقلة؛ لأن القود ساقط في جميع ذلك ولم يجب أن تسقط ديتها.
مسألة: [فيمن قُتِل وله أولاد صغار وكبار]
  قال: وإذا قتل الرجل وله أولاد صغار انتظر بلوغهم، ثم إن شاءوا عفوا وأخذوا الدية، وإن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا أسقطوا عنه الدية والقتل جميعاً(٤).
  لم ينص يحيى # على حكم من قتل وله أولاد صغار وكبار، إلا أن عموم قوله: «وله أولاد صغار انتظر بلوغهم» يوجب الانتظار سواء كان له ولدٌ بالغٌ
(١) كذا في المخطوطات.
(٢) في (هـ): عند.
(٣) ظنن في (د) بـ: وجب.
(٤) الأحكام (٢/ ٢٣٥).