كتاب الديات
  كالعبد(١) لما كان قتله بالحذف بالسيف لا يوجب قصاصاً لم يوجب الذبح.
  يوضح ذلك: أنا وجدناهما - أعني القتل بالحذف بالسيف والذبح - لا فرق بينهما في العمد في الأجانب، فوجب ألا يكون بينهما فرق في الولد والوالد.
  فإن قيل: الأب جعل له تأديب ابنه، وقد يحذفه بالسيف تأديباً، وليس كذلك الذبح.
  قيل له: ليس لأحد أن يؤدب من جعل إليه تأديبه بالحذف بالسيف، فهذا مما لا معنى له. على أنه إذا لم يقتل إذا قتل ابنه بسيف حذفه به لم يخل ذلك من أن يكون لحال يرجع إلى الفاعل أو لحال يرجع إلى الفعل الذي هو القتل، فإن كان لحال يرجع إلى القاتل وهو حرمة الولادة فيجب ألا يقتل وإن ذبحه، وإن كان لحال يرجع إلى القتل فكل من قتل على ذلك الوجه يجب أن ينتفي عنه القود، فلما لم يجب انتفاء القود عن كل من قتل على ذلك الوجه وجب أن يكون ذلك لحالٍ يرجع إلى القاتل، وهي حرمة الولادة، فوجب ألا يقتل الأب على أي وجهٍ قتل ابنه.
  فإن قيل: لم يقتل لشبهة في الفعل، وهي شبهة التأديب.
  قيل له: فالحاكم يجب ألا يقاد منه إذا حذف غيره بسيف فقطعه نصفين؛ لشبهة التأديب؛ لأن حال الحاكم في باب التأديب أقوى من حال الأب.
  فأما الابن فلا خلاف في أنه إذا قتل أباه قتل به.
  قال: وعلى الأب إذا قتل ابنه عمداً الدية يسلمها إلى سائر ورثته، ولم يرث هو منها شيئاً ولا من سائر إرثه.
  هذه الدية لا خلاف أن العاقلة لا تتحملها؛ لأنها دية عمد، وكل عمد سقط فيه القود ولزمت الدية كانت الدية في مال القاتل، وهي لسائر ورثته دونه؛ لأن قاتل العمد لا يرث المقتول من ديته كما لا يرث من ماله، لا خلاف فيه.
(١) كذا في المخطوطات.