باب القول في القصاص
مسألة: [في ادعاء الولي أن القتل خطأ والجاني يقول: إنه عمد]
  قال: وإذا ادعى أولياء الدم على رجلٍ أنه قتل قتيلهم خطأ، وقال المدعى عليه: بل قتلته عمداً - فلا قود فيه ولا دية إلا أن يصدقوه(١).
  وذلك أن ما ادعاه ولي الدم من قتل الخطأ ينكره المدعى عليه، ولم يجب أن تلزمه دعوى المدعي، وما أقر به المدعى عليه قد دفعه ولي الدم، فسقط إقراره، فلم يجب أن يثبت شيء من ذلك.
  فإن قيل: إنه إذا أقر بالعمد أقر بلزومه الدية إن اختار ولي الدم على أصولكم، وولي الدم قد ادعى عليه الدية بادعاء الخطأ، فقد اتفقا على وجوب الدية.
  قيل له: إن ولي الدم حين دفع إقراره بقتل العمد أبطل(٢) كل حكم يتعلق به، وإنما ادعى عليه دعوى مستأنفة لم يقر الخصم بها، فلم يجب على هذا ثبوت الدية. على أن دية العمد حكمها مخالف لحكم دية الخطأ؛ لأن دية الخطأ تلزم العاقلة، ودية العمد في مال القاتل، ودية الخطأ تؤخذ في ثلاث سنين، ودية العمد حالة(٣)، فلما اختلفت أحكامهما لم يكن ما أثبته أحدهما نفس ما أثبته الآخر، فلم يجب ثبوت شيء منه(٤).
  فإن قيل: قد ثبت القتل باتفاقهما، فأقل ما فيه أن يوجب(٥) الدية.
  قيل له: الذي ثبت هو القتل، وكلامنا في موجب القتل، وقد اختلفوا فيه، فلم يستقر الموجب، ولم يجب إلزام الدية؛ لأنها من موجب القتل الذي لم يستقر؛ لأن القتل قد يكون ولا يجب له قود ولا دية.
  فأما إذا صدقوه ثبت العمد ووجب القود.
(١) المنتخب (٦٠٩).
(*) لفظ التحرير (٥٣٧): إلا أن يصدقوه فيلزمه القود، أو يقر بالخطأ فتلزمه الدية.
(٢) في (ب، د، هـ): بطل.
(٣) والمذهب أنها مؤجلة في ثلاث سنين كما في هامش شرح الأزهار (٩/ ٢٢٣).
(٤) في شرح القاضي زيد: بتة.
(٥) في (ب، د، هـ): يثبت.