باب القول في جنايات المماليك
باب القول في جنايات المماليك
  إذا قتل العبد الحر عمداً وجب تسليمه إلى ولي الدم، فإن شاء ولي الدم قتله، وإن شاء باعه، وإن شاء وهبه، وإن شاء استرقه، وإن شاء عفا عنه وأعتقه، وله إن شاء أن يعفو(١) للسيد عن عبده، أو يصالحه(٢) على الدية أو غيرها. فإن كان القتل خطأ كان مولاه مخيراً بين أن يسلمه إلى ولي الدم وبين أن يفديه بدية جنايته، فإن سلمه إلى ولي الدم كان له أن يتصرف فيه في جميع وجوه التصرف التي ذكرنا في المسألة الأولى غير القتل(٣).
  أما الخطأ فلا خلاف فيه بيننا وبين أبي حنيفة، وعند الشافعي أن صاحبه إن شاء فداه بجنايته وإن شاء باعه في الجناية.
  وأما العمد فقول أبي حنيفة: أن صاحبه يسلمه للقتل دون الاسترقاق إلا أن يتصالحا بينهما صلحاً؛ لأن من أصله أن العمد ليس فيه إلا القصاص أو العفو أو الصلح(٤).
  وتحصيل مذهبنا أن صاحب العبد(٥) يسلمه في العمد إلى ولي الدم إلا أن يعفو ولي الدم عن الدم أو يصالحه، فإذا سلمه وملكه جاز له أن يتصرف فيه كما يتصرف في عبده إذا قتل ابنه من القتل والهبة والاستخدام، أو العفو، أو العتق مع العفو.
  والأصل في هذا: أن جناية العبد إما أن تكون في ذمته أو في رقبته أو ذمة سيده؛ إذ لا يجوز أن تكون هدراً، ولا يجوز أن تكون في ذمته؛ لأن العبد ليست
(١) في (ب، د، هـ): وله أيضاً أن يعفو.
(٢) في (ب، د، هـ): وأن يصالحه.
(٣) الأحكام (٢/ ٢٢٢، ٢٢٣، ٢٣١) والمنتخب (٥٩٧).
(٤) في (أ، ج): إلا القصاص والعفو والصلح.
(٥) في (أ، ج): العمد.