شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما تجوز فيه الوصية وما لا تجوز

صفحة 453 - الجزء 5

  عن أمرٍ ثابت، وليس هو تثبيت وإيجاب، وإذا وقع مجهولاً قيل له: فسر فإنك قد أقررت على الجملة بأمرٍ ثابت، والوصية بشيء مجهول هو تثبيت حق مجهول لا يدرى ما هو، فوجب أن تبطل⁣(⁣١)، وهكذا يجيء على قول يحيى بن الحسين # لو قال: أوصيت لك بسهم من مالي أنه يكون باطلاً.

  فإن قيل: الوصية بالمجهول جائزة؛ لأنه إذا أوصى بثلث ماله أو بربع ماله فيجوز ألا يكون عالماً بماله كله، فيكون ذلك وصية بالمجهول.

  قيل له: ليس ذلك وصية بالمجهول؛ لأنه يمكنه أن يعلم في الوقت⁣(⁣٢) الثاني، ألا ترى أنا نجوز مثله في البيع برأس المال وإن لم يكن ذلك معلوماً في الحال؛ لأنه مما يصح أن يعلم في الثاني، ولا خلاف أنه لا يجوز البيع بشيء غير مسمى؟ على أن الوصية تمليك كالهبة والبيع، فوجب ألا تصح بالمجهول قياساً على البيع والهبة.

مسألة: [في أن للموصي نقض الوصية وإثباتها والزيادة فيها والنقصان]

  قال: وكل من أوصى بوصية فله أن ينقضها ويثبتها ويزيد فيها وينقص⁣(⁣٣).

  وذلك مما لا أحفظ فيه خلافاً؛ لأن الوصية موقوفة إلى أن يقبلها الموصى له بعد موت الموصي، فحينئذٍ تستقر، فأما ما دام الموصي حياً فهي موقوفة، والتمليك الموقوف يجوز فسخه كالبيع والنكاح وغيرهما، فكانت الوصية بذلك أولى. وأما تثبيتها⁣(⁣٤) فليس هو إلا الاستمرار عليها. والزيادة فيها كوصية مستأنفة، فوجب أن تكون صحيحة. والنقصان فهو رجوع في بعضها وفسخ له، فوجب أن يصح ذلك كما صح في الكل.


(١) وذكر في شرح القاضي زيد عن أبي طالب # ما معناه: أن الصحيح أن الوصية يجوز أن تدخلها الجهالة، وأن المعتبر في بطلان الوصية هنا أن العبد لم يعتق بهذا القول، وإذا لم يعتق فالعبد لا يملك، فبطلت الوصية.

(٢) «الوقت» ساقط من (أ، ب، ج، د).

(٣) الأحكام (٢/ ٣٣٥) والمنتخب (٥٤٥).

(٤) في (هـ): تبقيتها.