شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما تجوز فيه الوصية وما لا تجوز

صفحة 454 - الجزء 5

مسألة: [فيمن أوصى بوصية ثم أوصى بوصية أخرى ولم يذكر الأولى بنقض ولا إثبات]

  قال: ولو أن رجلاً أوصى بوصية في صحته أو مرضه ثم أوصى بعد ذلك بمدة قصيرة أو طويلة بوصية أخرى ولم يذكر الأولى بنقضٍ ولا إثبات كانت الوصيتان ثابتتين⁣(⁣١).

  وهذا أيضاً مما لا أحفظ في جملته خلافاً، وإن كان قد اختلف فيما يكون رجوعاً عن الأولى أو لا يكون رجوعاً عن الأولى، وذلك أنه إذا لم يرجع عن الأولى فالثانية وصية مستأنفة، فوجب أن تصح كالأولى.

مسألة: [في إجازة الورثة الوصية الزائدة على الثلث مع عدم علمهم بالزيادة]

  قال: وقال القاسم #: لو أن رجلاً أوصى بأكثر من ثلث ماله وأجازه الورثة من غير أن يعلموا أنه أكثر من الثلث فلهم أن يرجعوا في الزائد على الثلث.

  اعلم أن هذا مما يجب حمله على أن المراد فيما بينه وبين الله ø؛ لأنه إذا علم أنه لم يجز⁣(⁣٢) ما زاد على الثلث لم يلزمه، ألا ترى أنه لو لفظ فقال: قد أجزت منه ما لم يتجاوز الثلث لم يلزمه ما تجاوزه؟ ومن حكم النية أن تؤثر في اللفظ كما يؤثر فيها⁣(⁣٣) اللفظ، ألا ترى أنه لا فرق بين أن يلفظ بعموم يريد به الخصوص وبين أن يستثني ما أراد تخصيصه من جهة اللفظ؟ فإذا ثبت ذلك صح أن الذي يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى هو الذي نواه، وهذا كما نقول فيمن نادى امرأة من نسائه فأجابته أخرى فقال لها: أنت طالق: إن المطلقة هي الأولى؛ لأنها هي المقصودة بالطلاق.

  فإن قيل: هذا يخرج الإجازة من أن يكون لها حكمٌ؛ لأن ما لم يزد على الثلث جائزٌ وإن لم يجزه.


(١) المنتخب (٥٤٤).

(٢) في (أ، ج): لم يجزه. وفي (ب، د، هـ): لا يجوز. والمثبت هو الصواب كما في شرح القاضي زيد.

(٣) كذا في المخطوطات.