باب القول في الوصي وما يجوز له فعله
  بعينه يكون من الثلث، ويجب بالوصية. والأظهر عن الشافعي أنه قال في الحج والزكاة: إنهما من جميع المال. وأصحابنا فصلوا بين الحج والزكاة، فجعلوا الحج من الثلث، وأوجبوه بالوصية، نص يحيى في الفنون على ذلك(١)، وهو الظاهر من كلامه في الأحكام، وذكر أصحابنا أن الزكاة من جميع المال، وشبهوها بالدين، ذكر ذلك أبو العباس الحسني في النصوص، وهو الأظهر من كلام يحيى #؛ لأنه ربما شبهها بالدين، وفي بعض المسائل زاد قوتها على قوة الدين حيث يقول: إن الزكاة تمنع الزكاة، والدين لا يمنعها، فيجعل(٢) قدر الزكاة في حكم الخارج من ملكه.
  وما ذهبنا إليه من الفرق بين الحج والزكاة به قال أبو علي الجبائي في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجملة الفصل بينهما أن الحج يلزم البدن، والمال يدخل فيه على سبيل التبع، والزكاة تجب في المال كالدين، وعندنا أنها تجب في مال اليتيم والمجنون كالدين، وكثيراً مما يجب في هذا الباب قد ذكرناه في كتاب الحج من شرح التجريد(٣)، وبينا لما نذهب إليه من أن الحج يجب من الثلث، ودللنا على أنه لا يجب إلا بالوصية، وأوضحنا الكلام فيه، وفي أن ما يفعله الحي عن الميت من غير أن يكون الميت أوصى به يكون للحي، وأنه إن كان أوصى فهو له، فلا طائل في إعادته.
(١) «على ذلك» ساقط من (أ، ج).
(٢) في (هـ): فجعل.
(٣) كذا في المخطوطات.