شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الوصي وما يجوز له فعله

صفحة 466 - الجزء 5

  وسط لا شطط فيه ولا وكس. فصار الوسط أصلاً في مثل هذه المواضع، ولأن ما زاد سرف، وما نقص منه تقصير، فإذا ثبت ذلك فما زاده على الوسط يكون إضاعة فيجب أن يضمنه؛ لأنه يكون مضيعاً لذلك⁣(⁣١) القدر على الورثة.

  قال: ومقدار ما يجوز له التكفين أن يكون شبيهاً بنصف العشر أو نحوه⁣(⁣٢).

  وليس ذلك حداً محدوداً لا تجوز مجاوزته ولا القصور عنه، بل الواجب فيه بحسب الحال والزمان في الغلاء والرخص، وبحسب المال في القلة والكثرة، وبحسب الاجتهاد، وإنما قال يحيى بن الحسين ذلك لأنه سئل عمن كان معه مائة دينار فمات فقال: يكفن بنحو نصف العشر، وذلك يكون خمسة دنانير، ولعله رأى أن ذلك القدر هو الواجب بحسب ما عرف من حال أجرة الحافر وكم يوارى به ويحنط في ذلك الزمان وذلك المكان، وليس يجب أن يحمل على ذلك لو ترك عشرة آلاف دينار، ولا أن يحمل عليه لو ترك مائة درهم، فإن صاحب العشرة الآلاف لا يبلغ تكفينه خمسمائة، وصاحب المائة درهم لا يقتصر به على خمسة دراهم.

مسألة: [فيما يفعله الحي عن الميت من وجوه البر]

  قال: وكل ما يفعل الحي عن الميت من وجوه البر نحو الحج والصدقة والعتق فهو للحي دون الميت، إلا أن يكون الميت أوصى به⁣(⁣٣).

  اختلف العلماء في ذلك، وكل منهم أجمع على أن الدين إذا كان على الميت فإنه يجب قضاؤه من جميع مال الميت، وكذلك التكفين، واختلفوا فيما عدا ذلك، فقال أبو حنيفة: جميع ما يلزمه من الحج والزكاة وغيرهما مما ليس له مطالب


(١) في (أ، ج): مضيعاً بذلك. وفي (ب، د): مضيقاً لذلك.

(٢) المنتخب (٥٤٦).

(٣) الأحكام (٢/ ٣٢٩).