كتاب الطهارة
  يفيد في الشرع، فإذا كان هذا هكذا وجب حمل ما رويناه على ما ذهبنا إليه.
  فإن قيل: روي أن النبي ÷ مس بإبهامه أنفه فوجد دماً، فمسحه بيده وصلى ولم يحدث طهوراً.
  قيل له: ذلك الدم كان يسيراً(١) لا يسيل مثله، وعندنا أن ذلك القدر من الدم لا ينقض الطهارة، فليس فيه إفساد مذهبنا.
  وهذا هو ما أخبرنا به محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر #، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي $ قال: (خرجت مع رسول الله ÷ وقد تطهر للصلاة، فأمس إبهامه أنفه فإذا دم، فأعاد مرة أخرى فلم ير شيئاً، وجف ما في إبهامه، فأهوى بيده إلى الأرض فمسحها(٢) ولم يحدث وضوءاً ومضى إلى الصلاة)(٣).
  فقد صرح الخبر أن الدم كان يسيراً لا يسيل مثله.
  فإن قيل: إنكم قضيتم بما رويتم من الخبر على ما رويناه من قوله ÷ «الوضوء من الخارج من السبيلين»، وقضينا نحن بهذا الخبر على ما رويتم، فحملناه على غسل الموضع، فقد استوينا فيه.
  قيل له: ليس الأمر على ما قدرتم، وقضاؤنا أولى من قضائكم؛ لأن خبركم مخصوص بالإجماع؛ ألا ترى أن الوضوء عندكم ينتقض من مس الذكر ومس المرأة، وعند أبي حنيفة من القهقهة في الصلاة، وعندنا من الكبائر، وعند الجميع من النوم على بعض الوجوه؟ وخبرنا غير مصروف عن ظاهره عندنا، فكان القضاء بخبرنا على خبركم أولى؛ لأن الظاهرين إذا تقابلا وكان أحدهما
(١) في (ب): كان ذلك الدم يسيراً.
(٢) في مجموع الإمام زيد بن علي # وأمالي أحمد بن عيسى: فمسحه.
(٣) مجموع الإمام زيد بن علي # (٦٨) وأمالي أحمد بن عيسى (١/ ٤٠).