شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 284 - الجزء 1

  مخصوصاً بالإجماع والآخر عند المستدل به غير مخصوص كان الذي لا يدخله التخصيص أولى؛ لأن الظاهر إذا دخله التخصيص صار مجازاً، والقضاء بالحقيقة على المجاز أولى.

  فإن قيل: خبركم أيضاً يدخله التخصيص؛ لأنه يتناول اليسير من الدم والقيء عندكم.

  قيل له: هو عام في الرعاف؛ لأن الرعاف لا يكون إلا ناقضاً للطهارة؛ لأنه لا يكون يسيراً، وكذلك يسير ما يخرج من المعدة لا يكاد يسمى قيءاً، على أن ما رويناه من قوله ÷: إن الوضوء ينتقض من دم سائل وقيء ذارع - لا يدخله التخصيص على وجه.

  ويستدل على ذلك من طريق النظر: بأن نقيسه على البول بأنه سائل نجس خارج من البدن، ولا يلزم عليه يسير الدم ويسير القيء؛ لأنهما لا يسيلان، ويستدل على صحة العلة بأن المخاط والبصاق واللبن لما كان كل واحد من ذلك خارجاً من الجسد غير نجس لم تنتقض الطهارة به، والبول لما كان خارجاً نجساً نقض، فعلمنا أن الحكم به تعلق؛ إذ⁣(⁣١) وجد بوجوده وعدم بعدمه.

  فإن قيل: العلة في البول أنه خارج من مخرج معتاد.

  قيل له: نقول بالعلتين جميعاً، ونرجح علتنا باستنادها إلى الظواهر التي رويناها، وبأنها حاظرة، وبأنها تفيد شرعاً مجدداً⁣(⁣٢)، وبأن فيها احتياطاً.

  ويمكن أن تقاس سائر الدماء على دم الاستحاضة بعلة أنه دم سائل من البدن، وترجح هذه العلة على غيرها بأن النبي ÷ نبه عليها بقوله للمستحاضة حين أمرها بالوضوء: «إنما هو دم عرق».

  فأما القيح فهو الدم المتغير، فإذا ثبت انتقاض الوضوء بالدم وجب انتقاضه


(١) في المخطوطات: إذا.

(٢) في (د) ونسخة في (أ، ب): محدوداً.