شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في أحكام الوصايا

صفحة 472 - الجزء 5

  فإن قيل: فإنه أراد التسوية بين الموصى له وبين ابنه.

  قيل له: ليس للتسوية لفظٌ، فلا يصح ادعاؤها؛ لأنها إما أن تعقل من اللفظ، واللفظ لا يقتضيه⁣(⁣١)، أو يعلم ذلك من العرف والعادة، وهذا مما لا يمكن أن يدعى فيه العرف والعادة؛ لأن هذه المسألة مما لا تكاد تقع، فإن وقعت فندر لا يثبت بمثله عادة.

  فإن قيل: هذا القول يؤدي إلى تقديم نصيب الابن على الوصية، ومن شأن الوصية أن تقدم على الإرث.

  قيل له: إذا كانت الوصية مقدرة بنصيب الوارث فلا بد من تقديم تقديره، وإنما الممتنع هو تقديم استحقاقه لنصيبه، فأما تقدير النصيب أولاً فلا بد منه إذا كانت الوصية مقدرة به.

  على أن قول أبي حنيفة والشافعي في هذا لا يثبت إلا أن يكون القول يتضمن إيجاب الوصية مقدرة بنصيب الابن بعد ثبوت الوصية، وليس لذلك لفظٌ، فوجب ألا يكون إطلاقه موجباً وصيةً مقدرة بنصيب الابن مطلقاً.

  على أن قولهم يؤدي إلى ألا يمكن تقدير النصيب إلا بتقدير الوصية، ولا يمكن تقدير الوصية إلا بتقدير النصيب، وذلك مستحيل، وكل ذلك يرجح ما كان يقوله مالك عندي، والله أعلم بالصواب.

فصل: [في الوصية بنصيب الابن]

  كان أبو حنيفة يذهب إلى أن من أوصى لرجلٍ بنصيب الابن أن الوصية باطلة، وخالفه أصحابه، قال أبو حنيفة: نصيب الابن هو ما يستحقه الابن ويملكه، فإذا أوصى به فكأنه أوصى بمال الغير. ووجه الخلاف عليه أنه إذا احتمل أن يكون أراد بذلك الوصية بما يملكه واحتمل أن يكون أراد بذلك


(١) يمكن أن يقال: في اللفظ ما يعقل منه التسوية، وهو لفظ مثل، فإنه يفهم منه المماثلة بين الشيئين، وهي المساواة، وقد ذكر معناه القاضي زيد في شرحه. (من هامش د، هـ).