شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في أحكام الوصايا

صفحة 477 - الجزء 5

  يدفع منه إليه شيء؛ لأنه لم يصر⁣(⁣١) إلى الفقراء بجعل الموصي لهم، وإنما جعله الله ø لهم، فأما التبرع فحكمه خلاف ذلك الحكم، ألا ترى أن له أن يدفع إليه ما كان هو متبرعاً به، ولا يجوز أن يدفع إليه ما كان واجباً عليه؟ فكذلك بعد موته.

  وقلنا: إنه أحق به لأنه يكون فيه صلة الرحم مع أنه تصدق عليه، فيجتمع فيه وجهان من الحسن.

مسألة: [في مصرف ما أوصى به الرجل لفقراء أهل بيته إذا لم يكن فيهم فقير]

  قال: وإن أوصى به لفقراء أهل بيته ولم يوجد فيهم فقيرٌ وجب أن يصرف إلى سائر الفقراء المسلمين⁣(⁣٢).

  وذهب أكثر الفقهاء إلى أن الوصية تبطل⁣(⁣٣).

  ووجه ما ذهبنا إليه: أنه أوصى بثلثه أن يصرف في قربة مخصوصة، وجعل لتلك القربة صفة زائدة، فمتى تعذرت تلك الصفة لم يجب أن تبطل تلك الوصية، كما أجمعوا عليه من أن من أوصى أن يحج عنه بثلث ماله من بلد بعينه فلم يمكن أن يحج عنه بثلثه⁣(⁣٤) من ذلك البلد لم تبطل الوصية، ووجب أن يحج عنه من حيث يمكن، كذلك ما اختلفنا فيه؛ لأنه جعله في قربة مخصوصة، وهي التصدق في الفقراء، ثم جعل⁣(⁣٥) للفقراء صفة زائدة، وهي أن يكونوا من أهل بيته، فإذا تعذر ذلك لعدم الفقراء فيهم وجب صرفه في سائر الفقراء، ولم يجب أن تبطل الوصية.


(١) في (هـ): لا يُصَيَّر.

(٢) المنتخب (٥٤١).

(٣) وهو مذهب المؤلف # كما في شرح القاضي زيد.

(٤) في (أ، ج): بثلث ماله.

(٥) في (أ، ب، ج، د): جعلت.