شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في أحكام الوصايا

صفحة 478 - الجزء 5

  فإن قيل: فما تقولون فيمن أوصى لرجلٍ بعينه وهو ميتٌ، أو مات قبل أن يموت الموصي، ألستم تقولون: إن الوصية تبطل ولا يجب صرفها إلى غيره؟ فما أنكرتم أن يكون ذلك سبيل ما اختلفنا فيه؟

  قيل له: لأنه أوصى لإنسان بعينه وصية يجوز ألا يكون موضوعها موضوع القرب، فلم يشبه ما ذهبنا إليه؛ لأنها⁣(⁣١) وصية لإنسان بعينه يخاصم فيها، ويقبلها إن شاء أو يردها، ولا تستقر إلا بموت الموصي قبل موته، فإذا⁣(⁣٢) لم يكن ذلك⁣(⁣٣) بطلت الوصية، وليس كذلك ما ذهبنا إليه. ويشهد لما قلنا ما لا خلاف فيه من أن من أوصى لعدةٍ بوصايا مختلفة فلم يبلغها ثلثه أن الحط يلحق كلاً منهم، ولا يجب أن تبطل الوصية. وذهب كثير من العلماء إلى أن من أوصى أن يعتق عنه مملوكٌ بألف درهم فلم يبلغ ثلثه ألفاً أنه يجب أن يعتق [عبد] بمقدار ما أمكن.

مسألة: [في الوصية للأقارب]

  قال: وإن أوصى لأقاربه صرف إلى أقاربه من [قِبَل] أبيه وأمه، وكان الذكر والأنثى فيه سواء⁣(⁣٤).

  ووجهه: أن اسم القرابة يلحق من كان له قربة من جهة الأب كما يلحق من كان له قربة من جهة الأم، فلما اشتركا في الاسم وجب أن يشتركا في الحكم المتعلق به. وفي العلماء من يجعلها لقرابته من قبل أبيه، منهم مالك، وحكي عن الليث والشافعي مثل قولنا.

  ووجبت التسوية بين الذكر والأنثى لما بيناه في سهم ذي القربى أنه مالٌ


(١) في (أ، ج، هـ): ولأنها.

(٢) في (أ، ج): فأما إذا.

(٣) في (هـ): كذلك.

(٤) المنتخب (٥٤٤).