باب القول في فرائض الأبوين
  وقد ألحقنا الفرائض بأهلها](١) فلم يبق شيء للعصبة. وأيضاً لا خلاف أن الله تعالى سمى للأم السدس، وللزوج النصف، وللإخوة من الأم الثلث، فيجب أن يوفى كل منهم ما سمى الله له، ولا يبخس بعضهم دون بعض، وهذا دليل على سقوط الإخوة للأب والأم. وأيضاً لا خلاف أن النقص في هذه الفريضة لا يدخل على الأم ولا على الزوجة، فوجب ألا يدخل على الإخوة للأم، والعلة أنهم بعض المسمين في هذه الفريضة.
  على أن الإخوة من الأب والأم - وكذلك إن كن معهم أخواتهم - عصبة، لا خلاف في ذلك، وأنهم يأخذون ما يأخذون بالتعصيب لا بالتسمية، وكل من أخذ بالتعصيب دون التسمية فإنه يسقط إذا لم يبق من السهام شيء، على هذا ثبتت المواريث، فوجب أن يسقطوا في هذه المسألة.
  فإن قيل: فإنهم ساووا الإخوة من الأم في المعنى الذي به أخذوا، فلا يجب أن يسقطوا، وهذا معنى ما قال عمر أو قيل له: عد أباهم كان حماراً.
  قيل له: إنهم لم يساووهم في ذلك؛ لأن الإخوة لأم يأخذون بالتسمية، والإخوة من الأب والأم يأخذون بالتعصيب وإن حصلت المساواة.
  ثم يقال لهم: لا خلاف بيننا وبينكم في زوج وأم وأخ لأم وعشرين أخاً لأب وأم أن للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ من الأم السدس، والباقي بين عشرين أخاً لأب وأم، فيكون نصيب(٢) كل واحد منهم نصف عشر السدس، فلم يساووا الأخ لأم؛ للعلة التي ذكرنا، وهي أنهم يأخذون بالتعصيب، والأخ للأم يأخذ بالتسمية، فكذلك في السقوط.
  فإن قيل: السقوط يخالف النقصان.
  قيل له: هذا فاسد؛ وذلك أنا قد علمنا أن الإخوة للأب والأم إذا أخذوا
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).
(٢) في (أ، ج): فيكون ما يصيب.