شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في فرائض الجد والجدات

صفحة 44 - الجزء 6

  ومما يدل على ذلك أن الإخوة قياس على البنين بعلة أنهم يعصبون الإناث إذا كن معهم في درجتهم، فوجب ألا يسقطهم الجد قياساً على البنين، وهذا الوصف أقوى أحوال العصبة [وإذا حصل للإخوة أقوى أحوال العصبة]⁣(⁣١) فلا يجب أن يسقطهم الجد.

  ومما يدل على ذلك: أنا وجدنا الجد وإن كان له ولاد⁣(⁣٢) فإن حاله يضعف عن حال الوالد؛ بدلالة أنه يسقط معه، وليس له شيء من الولاية مع الأب، فوجب ألا يسقط الإخوة كالأم؛ لأنها وإن كان لها ولاد فإن حالها لما ضعفت عن حال الأب لم تسقط الإخوة، فكذلك الجد.

  فإن قيل: اسم الأب يتناول الجد؛ لقول الله تعالى: {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَٰهِيمَۖ}⁣[الحج: ٧٦]، وقد قال الله تعالى: {وَوَرِثَهُۥ أَبَوَٰهُ فَلِأُمِّهِ اِ۬لثُّلُثُۖ فَإِن كَانَ لَهُۥ إِخْوَةٞ فَلِأُمِّهِ اِ۬لسُّدُسُۖ}⁣[النساء: ١١]، فلما تناوله اسم الأب وجب له بالآية الثلثان مع الأم من غير إخوة، وإذا كان معه إخوة وجب له خمسة أسداس المال⁣(⁣٣).

  قيل له: ليس يخلو هذا الاستدلال من أن يكون بالظاهر أو بالقياس، فإن ادعوا أنه بالظاهر فليس في الظاهر إن تلوه ما يوجب أن خمسة أسداس المال للأب دون الإخوة، وإنما عرفنا ذلك بالإجماع؛ لأنه تعالى نص على سهم الأم ولم ينص على سهم الأب لا مع وجود الإخوة ولا مع عدمهم، وقد كان جائزاً لولا الإجماع أن تكون الخمسة الأسداس الفاضلة عن الأم بين الأب والإخوة لولا الدليل، وليس هاهنا ظاهر الآية⁣(⁣٤) يوجب إسقاط الإخوة مع الأب فيدخل الجد تحته، فسقط تعلقهم بالظاهر.


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).

(٢) في (هـ): ولادة. في هذا الموضع والآتي.

(٣) لأن الإخوة يحجبون الأم وإن لم يرثوا.

(٤) في (أ، ب، ج، هـ): ظاهر سوى الآية، وشكل على «سوى» في (ب).