كتاب الفرائض
  على أنه لو كان هاهنا ظاهر يوجب ذلك لكان لا يوجب إدخال الجد تحته إلا بالدليل؛ لأن اسم الأب يتناول الجد على سبيل المجاز؛ لأن الأب اسم يختص الوالد على التحقيق كما أن الجد اسم يختص أبا الأب على التحقيق. على أن مذهب أصحاب أبي حنيفة أن اللفظة الواحدة لا يجوز أن يراد بها المجاز والحقيقة، فلا يجوز على هذا عندهم أن يدخل الجد تحت سمة الأب لا بدليل ولا بغير دليل، فوضح سقوط التعلق بالظاهر.
  فإن كان التعلق بالقياس بعلة جريان اسم الأب عليه فهو منتقض بالعم؛ لأن الله ø حكى عن أولاد يعقوب أنهم قالوا(١): {نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ}[البقرة: ١٣٢]، فسمى إسماعيل أباً وإن كان عم يعقوب À، وينتقض أيضاً بالأب القاتل والأب العبد والأب المشرك؛ لأن اسم الأب يجري على جميعهم.
  فإن قيل: الأب له ولاد وتعصيب فأسقط الإخوة، فوجب أن يسقطهم الجد؛ لأن له أيضاً ولاداً وتعصيباً.
  قيل له: الأب لم يسقطهم ..... (٢) فبان أن الاعتبار ليس هو بالولاد، وإنما هو بقوة التعصيب. على أن الأب إنما أسقط الإخوة لأنهم به يدلون، كما أسقط الجد لأنه به يدلي، والإخوة لم يدلوا(٣) بالجد، فلم يجب أن يسقطهم الجد.
  ولهم وجوه يقيسون بها الجد على الأب بمعانٍ يذكرونها كلها لا تثبت عند التحصيل؛ لأن العلة الموجبة لإسقاط الإخوة إنما هي قوة تعصيبه، وقد بينا أن حال الجد يضعف عن حال الأب؛ إذ يسقطهم الأب لأنهم به يدلون، وليس يدلون بالجد. فهذه جملة الكلام على أكثر ما يوردونه في هذا الباب، على أنا
(١) «قالوا» ساقط من (ب).
(٢) بياض في (أ، ج). وفي (ب، د): لعل هنا ساقطاً. وظنن في (هـ): مكان البياض بـ: بالولاد.
(٣) في (هـ): لا يدلون.