شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في فرائض الجد والجدات

صفحة 49 - الجزء 6

  والذي يدل على صحة قولنا في هذا: الحديثُ الذي ذكره يحيى # في الأحكام، وهو ما روى عمران بن حصين أن رجلاً أتى النبي ÷ فقال: إن ابن ابني مات فما لي من ميراثه؟ فقال: «لك السدس»، فلما ولى قال: «ارجع فلك سدس آخر»، ثم قال: «إن السدس الآخر طعمة»⁣(⁣١)، فدل ذلك على أن سهمه السدس، وأنه الواجب له في جميع الأحوال، وأن السدس الثاني أعطاه إياه لا على أنه سهمه، بل لوجه آخر، ويجوز أن يكون أعطاه على وجه التعصيب، كأن يكون الميت ترك ابنةً وأماً وجداً، فإن للابنة النصف، وللأم السدس، وللجد السدس، والسدس الباقي له بالتعصيب، ولهذا أمثلة، ولو أراد ÷ أن يجعل سهمه الثلث لكان يقول: لك الثلث، فلما فصل بين السدس والسدس علم أن سهمه كان السدس في جميع الأحوال، وزاد يحيى في الحديث أن علياً كان يقول: (نسيتم وحفظت)، يعني للذين يجعلون سهمه مع الإخوة الثلث. وروي أن عمر⁣(⁣٢) سأل الناس فقال: أيكم شهد رسول الله ÷ قضى في الجد؟ فقال معقل بن يسار: أعطاه السدس، فقال: مع من؟ قال: لا أدري⁣(⁣٣)، فهذا أيضاً يؤكد أن سهمه السدس.

  ومما يدل على ذلك: أنه عصبة بنفسه عاد ذا سهم، فوجب أن يكون سهمه السدس قياساً على الأب، وإنما احترزنا بقولنا: عصبة بنفسه من الابنة والأخت؛ لأنهما قد يكونان عصبة وسهمهما النصف، إلا أنهما يكونان عصبة لا بأنفسهما، بل بإخوتهما، على أنا إذا قلنا: عصبة عاد ذا سهم فلم يجب أن يكون سهمه الثلث صح الكلام، لكن ما ذكرناه أولاً هو الأولى؛ لأنه يشتمل على ذكر السدس.

  ويدل على ذلك أيضاً أن سهمه مع الولد السدس، ولا يسقط الإخوة،


(١) وأخرجه أبو داود (٢/ ٣٣١) والترمذي (٣/ ٤٩٠).

(٢) في (أ، ب، ج، د): أن ابن عمر. وهو زيادة من الناسخ.

(٣) أخرجه أبو داود في السنن (٢/ ٣٣١) وأحمد في المسند (٣٣/ ٤٢٤).