شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في العصبة

صفحة 59 - الجزء 6

باب القول في العصبة

  أقرب العصبة الابن ثم ابن الابن وإن سفل⁣(⁣١).

  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأن الأب يزول معهم تعصيبه ويعود ذا سهم كالجد؛ لقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنْهُمَا اَ۬لسُّدُسُ}⁣[النساء: ١١].

مسألة: [في أقرب العصبات بعد ابن الابن]

  قال: ثم الأب، ثم الجد أبو الأب وإن علا.

  أما الأب فلا خلاف أنه أقرب العصبات بعد الابن؛ لأنه يسقط سائر العصبات، ولأنهم جميعاً يدلون به، فصار أولاهم جميعاً بعد البنين وبني البنين.

  وأما الجد والأخ فقد اختلف فيهما، فمن جعل الجد بمنزلة الأب وأسقط به الإخوة فإنه يجعله أقرب العصبات، وأما نحن فنقول: إنهما يشتركان، أعني الأخ والجد، وإنما نريد بقولنا: إنه أقرب أنه لا يسقط بحال إلا مع الأب، وتحصل له مزية على الإخوة إذا صارت المقاسمة شراً له من السدس فيأخذ السدس، فلهاتين المزيتين قلنا: إنه أقرب العصبات بعد الأب.

  فإن قيل: عوده ذا سهم لا يدل على القوة، ألا ترى أن الأب يعود ذا سهم مع الابن ولا يدل ذلك على قوته على الابن؟

  قيل له: الوارث يعود ذا سهم لقوته تارة، ويعود ذا سهم لضعفه تارة، والجد مع الإخوة عاد ذا سهم لقوته، ألا ترى أنه قاسم حين كانت المقاسمة خيراً له؟ وليس كذلك الأب؛ لأنه لم يقاسم البنين بتة، وفي الجملة قد دللنا على صحة مذهبنا في هذا الباب، وإنما نحن في تأويل عبارة أطلقها أصحابنا، فلنا أن نتأولها على أي وجه، وليس فيه مشاحة؛ إذ ليس في العبارة مشاحة بعد الإبانة عن الغرض، والغرض ما بيناه.


(١) الأحكام (٢/ ٢٤٣).