مسائل ليست من التجريد
  والوجه في ذلك: أنه لا خلاف في ولد ابنة البنت أنه لا يرث إلا في ذوي الأرحام، وكذلك ولد العمة والخالة، والعلة أن الذين يدلون بهم لا يرثون بالسهم ولا بالتعصيب، وإنما يرثونه بالرحم عند من يرى ذلك، فوجب أن يكون من يدلي بهم لا يرث إلا في ذوي الأرحام.
  يؤكد ذلك: أنا وجدنا أصول الفرائض مبنية على أن(١) من يدلي إلى الميت بقريب لا يجوز أن يكون أوكد حالاً ممن يدلي به، فإذا كان أبو الأم لا تعصيب له ولا سهم ولا ميراث إلا بالرحم فيجب ألا يكون حال أمه أوكد من حاله، وليس كذلك حال الجدات الثلاث؛ لأنهن يدلين بمن له التعصيب أو السهم فلم يمتنع السهم.
  فإن قيل: أليس الإخوة من الأم يحجبون الأم عن الثلث وإن كان إدلاؤهم بها؟ فدل ذلك على أنهم أوكد حالاً منها.
  قيل له: هذا غلط، وذلك أن الأم أوكد حالاً منهم، ألا ترى أن الأم لا تسقط في حال، وأنه يسقطهم من لا يحط الأم عن الثلث إلى السدس، كالأب والجد؟ وحطهم لها عن الثلث إلى السدس لا يدل على تأكد حالهم، ألا ترى أنه لا يحطها الأب والجد عن الثلث، ولا الأخ من الأب والأم، ولا أحد من الإخوة منفرداً؟ فصح ما قلناه: إن من أدلى بقريب لا يجوز أن يكون أوكد حالاً ممن أدلى به، والحجب قد يكون لا لقوة إذا(٢) لم ينتفع الحاجب بحجبه.
(١) «أن» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٢) في (ب، د): إذ.