كتاب الفرائض
  فإن قيل: في قوله ÷: «الخال وارث من لا وارث له» كما يقال: الصبر حيلة من لا حيلة له، والجوع زاد من لا زاد له(١).
  قيل له: الصبر يصح أن يقال فيه ذلك؛ لأنه ضرب من الحيلة، وقد يتوصل به إلى كثير من الأمور، فتقديره: الصبر حيلة من لا حيلة له سواه، وأما الجوع زاد من لا زاد له فهذيان لا يحفظ عن عاقل، فإن قاله قائل وحفظ عن مميز فعلى طريق النادرة(٢) والتجوز، فلا يصح حمل قول النبي ÷ عليه.
  فإن قيل: لو أعطينا الابنة كل المال على سبيل الرد كنا جعلناها بمنزلة الابن، وهذا رد على الكتاب.
  قيل له: لسنا نجعل جميع المال [كما نجعله للابن؛ لأن الابن يحوز جميع المال](٣) بالتعصيب، والابنة نعطيها نصف المال بالتسمية(٤) والنصف الباقي نعطيها بالرحم، وهذا كما نقول في ابنة وأب: إن للأب السدس بالتسمية، والثلث الباقي يحوزه بالتعصيب؛ لأن الله تعالى سمى له السدس مع الولد. والزوج إذا كان عصبة قد يجوز جميع المال، نصفه بالتسمية، ونصفه بالتعصيب، فلا يجب(٥) أن ينكر لهذا قولنا بالرد(٦). على أن الذكر والأنثى يستويان في بعض المواضع وإن اختلفت علة ما يأخذه كل واحد منهما، وذلك في زوج وأخ، للزوج النصف، وللأخ النصف، ولو كان بدله أخت لكان نصيبها أيضاً النصف، فقد استويا، فلا يمتنع أن يستويا في الحال التي ذكرنا.
  ووجه تخصيصنا في المسألة الزوجين عن سائر ذوي السهام: أنه لا يرد عليهما
(١) أي: لما كان المال يصير إليه عند عدم الوارث سماه وارثاً على سبيل المجاز.
(٢) كذا في المخطوطات.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).
(٤) في (هـ): بالتسهيم. وفي نسخة فيها: بالتسمية.
(٥) في نسخة في (هـ): فلا يجوز.
(٦) في (أ، ب، ج، د): في الرد.