شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الفرائض

صفحة 69 - الجزء 6

  دلت عليه. على أنه لا ذكر للجدة في الكتاب، لكن أثبتنا ميراثها بالسنة، فلو لم يكن لذوي الأرحام ذكر في الكتاب لوجب أن يثبت إرثهم بالسنن الواردة التي بيناها. على أنه لا خلاف أن للقياس والاجتهاد مسرحاً في المواريث، فلا وجه لما ذكروه.

  فإن قيل: قوله ÷: «ما أبقت الفرائض فلأولى عصبة ذكر» يدل على أن ذوي الأرحام لا يرثون، وعلى إبطال الرد؛ لأن المسلمين يكونون عصبة.

  قيل له: هذا لا يصح؛ لأنه لا خلاف أنه إذا صار إلى بيت مال المسلمين صرفه الإمام حيث شاء في النساء والرجال⁣(⁣١)، وليس يختص الرجال.

  فإن قيل: روي أن عمر جاءته جدةٌ أم أب فتوقف في ميراثها، فقال ابن عباس⁣(⁣٢): كيف تورث من إذا ماتت لم يرثها، ولا تورث من إذا ماتت ورثها؟ يعني أن ولد البنت لا يرث، ولم ينكره منكر، فصار ذلك إجماعاً.

  قيل: الخلاف في ذلك ظاهر فلا يصح رفعه بهذا القدر؛ لأنه ليس كل من قال قولاً من طريق الاجتهاد ينكره من سمعه، على أنه يحتمل أن يكون أراد أنه لا يرث من جهة التسمية أو التعصيب؛ لأن من يرث منهما أقوى حالاً ممن يرث بالرحم فقط.

  فإن قيل: لو كان لذوي الأرحام إرث لزمهم العقل؛ لأن العقل مرتب على الإرث.

  قيل له: هذا غلط؛ لأن البعيد من أهل التعصيب قد يعقل وإن كان لا يرث، وذوو السهام قد يرثون ولا يعقلون، فلا يتمنع أن يرث ذوو الأرحام وإن لم يعقلوا. وهذا هو الجواب إن سألوا عن ولاية النكاح.


(١) في (أ، ج): والرقاب.

(٢) روى البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٨٥) أن جدتين أتتا أبا بكر أم الأم وأم الأب فأعطى الميراث أم الأم دون أم الأب، فقال له عبدالرحمن بن سهل أخو بني حارثة: يا خليفة رسول الله، قد أعطيت التي لو أنها ماتت لم يرثها، فجعله أبو بكر بينهما. ورواه عبدالرزاق في المصنف (١٠/ ٢٧٥).