باب القول في ميراث ذوي الأرحام
  الأرحام من الصحابة وغيرهم من العلماء، وأنه هو الأصل في كيفية توريث ذوي الأرحام، وبينا ما وجب في ذلك، فلا غرض في إعادته.
مسألة: [في ثلاث خالات متفرقات]
  قال: فإن ترك ثلاث خالات متفرقات فللخالة من الأب والأم النصف، وللخالة من الأب السدس، وللخالة للأم(١) السدس، والباقي رد عليهن، فيكون المال بينهن على خمسة أسهم(٢).
  هذا هو قول الأكثر من أهل التنزيل، وقال أبو حنيفة وأصحابه: للخالة من الأب والأم جميع المال؛ لأنها أقرب إلى الميت، ومن مذهبه مراعاة القرب في هذا الباب على ما بيناه.
  ووجه ما ذهبنا إليه: ما بيناه من أن الأولى هو اعتبار من يدلى به، فإذا ثبت ذلك جعلنا ما كانت الأم تأخذه - وهو جميع المال [بالفرض والرد](٣) - بينهن على حسب استحقاقهن لتركتها.
  فإن قيل: هلا قلتم بما(٤) حكي عن بعض أهل التنزيل من أنه جعل المال بينهن على سواء؛ لأنكم لا تعتبرون الذكورة والأنوثة في ذوي الأرحام، بل تسوون بينهما، فهلا سويتم في هذه المسألة.
  قيل له: لأن ذوي الأرحام يرثون بالقرابة ولا يرثون بأنفسهم على ما بيناه، فوجب أن تعتبر جهة القرابة، وجهات قراباتهن مختلفة، فاعتبرناها ولم نعتبر الذكورة والأنوثة؛ لأنا لا نعتبر أحوالهم في أنفسهم، ألا ترى أنهم اعتبروا اختلاف جهة(٥) قرابة العمة والخالة؟ ولو كان بدل الخالة خالاً كان لا يتغير الحكم، فثبت أن أحوالهم في الذكورة والأنوثة خلاف حالهم في جهة القرابة.
(١) في (هـ): من الأم.
(٢) الأحكام (١/ ٤٣٧).
(٣) ما بين المعقوفين من (هـ).
(٤) في (هـ): كما.
(٥) في (هـ): جهات.