باب القول في ميراث ذوي الأرحام
  واختلفوا في هذه المسألة، فقول أبي حنيفة المال كله لابنة ابنة الميت وأخيها للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأنهما أقرب، وقد مضى الكلام عليه، ويتعلقون لتفضيل الذكر على الأنثى بقوله تعالى: {۞يُوصِيكُمُ اُ۬للَّهُ فِے أَوْلَٰدِكُمْۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ اِ۬لْأُنثَيَيْنِۖ}[النساء: ١١]، وهذا عندنا غير صحيح؛ لأن اسم الأولاد لا يتناول الأسباط إلا على ضرب من المجاز والتوسع، وقول الله تعالى لا يصح حمله على المجاز إلا بالدلالة. على أنهم لا يجوزون حمل اللفظ الواحد على المجاز والحقيقة، فكيف يحملون الآية على الأولاد والأسباط؟
  وأما أهل التنزيل فإنهم قالوا فيه بما ذهبنا إليه إلا في التسوية بين الذكور والإناث فإن أكثرهم قالوا: للذكر مثل حظ الأنثيين، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام وإسحاق ابن راهويه بمثل قولنا في التسوية بين الذكور والإناث في جميع ذوي الأرحام.
  ووجهه: أن الإخوة والأخوات من الأم يستوي في الإرث ذكورهم وإناثهم، فكذلك سائر ذوي الأرحام، والعلة أنهم يأخذون برحم لا تعصيب فيه، فكل ذكر وأنثى يرثان برحم لا تعصيب فيه فيجب أن يستوي ذكورهم وإناثهم. وأيضاً لا خلاف أن ابن الابنة إذا انفرد يحوز جميع الإرث بسبب واحد، وهو الرحم، وكذلك ابنة الابنة، وكذلك الخال والخالة، فوجب إذا اجتمعا أن يكون المال بينهما بالسوية.
  فإن قيل: عندكم أن الابنة تحوز المال أجمع إذا انفردت، وكذلك الابن، ومع هذا إذا اجتمعا كان المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، فما أنكرتم أن يكون ذلك حال الذكور والإناث من ذوي الأرحام إذا اجتمعوا؟
  قيل له: الابنة عندنا لا تحوز المال بسبب واحد؛ لأنها تأخذ نصف المال بالتسمية، والنصف الباقي تأخذه بالرحم على سبيل الرد، ونحن اشترطنا أن يكون يحوز المال بسبب واحد، فلا يلزمنا ما ذكرتم.