باب القول في نوادر المواريث
فصل: [فيما يثبت به موت المفقود]
  ذكر في باب المفقود في كتاب النكاح من الأحكام(١) أن امرأته لا تتزوج حتى تعلم خبر موته وتوقن يقيناً بموته، فإن أخطأت وتزوجت على أنه قد مات وكان ذلك لخبر قد بلغها.
  وقال في كتاب الفرائض من الأحكام(٢): لا يقسم ماله ولا يورث حتى يعلم خبره، فإن جهل الورثة أو أتاهم خبر.
  فصرح أن موته لا يثبت إلا باليقين والعلم، وذلك لا يكون إلا بأحد الوجهين: إما أن يعلم ذلك بخبر يوجب العلم، أو بينة توجب الشريعة قبولها، فأما بخبر لا يوجب العلم فليس يجوز أن يحكم بذلك، وقد نبه على ذلك بقوله: فإن أخطأت فتزوجت لخبر كان بلغها من وفاته، فبين أن التزوج(٣) لخبر يرد خطأٌ لا يجوز، وقال: فإن جهل الورثة وأتاهم(٤) خبر فكان كذباً، فبين أيضاً أن العمل على الخبر جهل، ولا شك أن المراد به إذا لم يوجب العلم ولا يكون شهادة يقتضيها(٥) الشرع.
  ووجهه: أن تلك حقوق تتعلق بالمفقود لا يجوز قطعها إلا بما يجوز قطع سائر الحقوق به، وذلك لا يكون إلا بالبينة أو الخبر الموجب للعلم.
  فإن قيل: هلا أجريتموه مجرى أخبار الهدايا المتفق على جواز قبولها والعمل بها، وكذلك خبر من في يده شيء فيقول: إن صاحبه قد وكلني ببيعه.
  قيل له: إن حامل الهدية إذا كان بالغاً ومن في يده الشيء ويدعي أن صاحبه وكله فإنما نقبله لأن من في يده الشيء قوله مقبول فيه، وهذا أصل في الشريعة،
(١) الأحكام (١/ ٣٢٨).
(٢) الأحكام (٢/ ٢٧٢).
(٣) في (أ، ج): التزويج.
(٤) كذا في المخطوطات. والذي تقدم قبل أسطر: «أو أتاهم»، وهو لفظ الأحكام.
(٥) كذا في المخطوطات.