باب القول في نوادر المواريث
  قال: ويحكم بين أهل الذمة في المواريث وغيرها بأحكامنا(١).
  وذلك لقوله تعالى: {فَإِن جَآءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْۖ} ... إلى قوله: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِۖ}[المائدة: ٤٤]، والحكم بالقسط هو أحكام المسلمين، ولقوله تعالى: {۞وَأَنُ اُ۟حْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اَ۬للَّهُ}[المائدة: ٥١]، وذلك هو حكم الإسلام الذي أنزل الله على نبيه ÷؛ ولأن كل ما خالف حكم الإسلام من أحكام أهل الذمة وسائر المشركين باطل؛ لأنه إما أن يكون وضع في الأصل باطلاً من جهة رؤسائهم أو يكون حكماً صحيحاً قد نسخ بشريعتنا، والمنسوخ والباطل لا يجوز الحكم به، فثبت أنه لا يجوز أن يحكم فيهم إلا بأحكامنا. وأما قوله ø: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم}[المائدة: ٤٤]، فالمراد به - والله أعلم - أنهم إن ترافعوا إليك؛ لأنه ليس يلزمنا أن نتبعهم فيما لم يترافعوا إلينا، وإنما نحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا؛ لقوله ø: {فَإِن جَآءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ}[المائدة: ٤٤]، وقوله: {أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْۖ}[المائدة: ٤٤] معناه - والله أعلم - إن لم يترافعوا إليك، ويؤكد ذلك أن الله تعالى قد ذم من لم يحكم بما أنزل الله بقوله ø: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اَ۬للَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اُ۬لْكَٰفِرُونَۖ ٤٦}[المائدة]، و {اُ۬لظَّٰلِمُونَۖ ٤٧} و {اُ۬لْفَٰسِقُونَۖ ٤٩} على أني لا أحفظ في المسألة خلافاً.
(١) الأحكام (٢/ ١٥٨).