شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الذين لا توارث بينهم

صفحة 110 - الجزء 6

  قيل له: يجوز أن يكون الرجل تعمد رميها بالحجر، والحجر مما يقتل مثله غالباً، ومثله عندنا يوجب القود، ولا يمتنع أن يكون عدل به عن القود على سبيل المراضاة لسائر الورثة، فمنعه الميراث إنما كان لأنه كان قاتل عمد، ويدل على ذلك أنه غرمه الدية، ولو كان القتل خطأ لزمت الدية العاقلة.

  فإن قيل: روي أن رجلاً حذف ابنه بالسيف فأصاب رجله فقتله فغرمه عمر الدية مغلظة، ونفاه من الميراث، وجعل ميراثه لأخيه وأمه.

  قيل له: هذا كان عمداً؛ فلذلك أسقط ميراثه، ووجه درء القود أنه كان أباً، وعندنا أن الأب لا يقتل بالابن.

  وروى الناصر بإسناده عن علي # في رجل قتل ابنه قال: (إن كان خطأ ورث، وإن كان عمداً لم يرث)⁣(⁣١).

  ويقال لأبي حنيفة: عندك أن الصبي والمجنون إذا قتلا لم يحرما الميراث، حكى ذلك عنه الطحاوي في اختلاف الفقهاء⁣(⁣٢)، فكذلك قاتل الخطأ، والعلة أن القتل كان خطأ أو أن القتل وقع معرى من المآثم، فكل قتل وقع معرى من المآثم لم يحرم القاتل الميراث. وعنده أن العادل إذا قتل الباغي لم يحرم الميراث، فكذلك ما اختلفنا فيه، والعلة أنه قتل معرى من المآثم.

  والشافعي حكي عنه في أحد قوليه أن من يرجم [مورثه] بإذن الإمام لا يحرم الميراث، فيجعل ذلك أصلاً ويقاس عليه ما اختلفنا فيه بعلة تعري القتل عن الإثم.

  وأصحاب الشافعي ربما عللوا منع القاتل الميراث بالتهمة في التوصل إلى تعجل الإرث، وذلك بعيد؛ لأنهم يحرمون الميراث حيث تبعد التهمة؛ لأن الأب لو قتل خطأ ابنه الصغير الذي ليس له من الإرث إلا اليسير منعوه من الإرث،


(١) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ٢٨١) إلا أن فيه: في رجل قتل أمه.

(٢) مختصر اختلاف العلماء (٤/ ٤٤٢).