باب القول في الذين لا توارث بينهم
  فلا تتوجه التهمة أنه قتل ابنه لإرث يسير مثله لا يؤبه له مع الغنى وكثرة المال الذي يكون للأب.
  على أن موضوع الإرث ليس أنه ممنوع منه(١) للتهمة كدرء الحدود والشهادة(٢)، فلا وجه لما قالوه، والصحيح ما نعلله به من أنه على سبيل العقوبة، فلا يجب أن يحرم إلا من حصل منه القتل على وجه يقتضي التأثيم، وذلك أنا وجدنا المرتد يحرم الميراث على وجه العقوبة؛ بدلالة أنه إذا ارتد حرم، وإذا تاب منه عاد الاستحقاق، وبمثله يعرف أن الشيء على طريق العقوبة، فإذا ثبت أن للعقوبة مدخلاً في المنع من الميراث صار ما عللناه به أولى.
  فأما الدية فحرمناها(٣) للإجماع والنص؛ ولأنا لو لم نفعل كنا جعلنا الجناية سبباً للغنم، وذلك خلاف موضوع الشرع، ألا ترى أنه لو ورثها لكان قد غنم بالجناية؛ لأنه لو لم يجن لم يصل إلى الدية؟
مسألة: [في التوارث بين الأحرار والمماليك]
  ولا توارث بين الأحرار والمماليك(٤).
  وهذا مما لا أحفظ فيه خلافاً؛ ولأن العبد عندنا لا يملك، فلا يجوز أن يورث، ولا يجوز أيضاً أن يرث؛ لأنه ممن لا يستقر له ملك، فلو ورث لكان المولى هو الذي يرث، ولا يصح أن يرث من ليس بينه وبينه رحم(٥) ولا سبب.
  قال: فإن مات الحر وله ابن مملوك وأعتق(٦) قبل أن يحاز المال ورثه(٧).
(١) في (أ، ج): عنه.
(٢) في (أ، ب، ج، د): أو الشهادة.
(٣) في (د): فحرمانها.
(٤) الأحكام (٢/ ٢٧٧).
(٥) في (هـ): من ليس بينه وبين الميت رحم.
(٦) في (ب، د، هـ): فأعتق.
(٧) الأحكام (٢/ ٢٧٨).