كتاب الفرائض
  فإن قيل: فقد روي مطلقاً من غير ذكر الملة.
  قيل له: هو خبر واحد ساقه بعض من رواه على وجه وحذف البعض(١).
  على أن تخصيصه بالقرآن أولى من تخصيص القرآن به؛ لأن تخصيص الأضعف بالأقوى أولى، وجميع آيات المواريث توجب ما ذهبنا إليه. وأيضاً ورثته قد ساووا المسلمين في الإسلام وحصل لهم مزية الرحم أو السبب، فكانوا أولى من سائر المسلمين كما قلنا ذلك في ذوي الأرحام، وكما أجمعوا عليه في الأخ من الأب والأم أنه أولى من الأخ للأب؛ لأنه حصل له سببان، فكان أولى ممن حصل له سبب واحد. وأيضاً وجدنا المرتد ينتظر بماله الموت أو ما يجري مجرى الموت من القتل أو اللحوق بدار الحرب، فوجب أن يكون ماله(٢) لورثته؛ دليله مال المسلم ومال الذمي، وعكسه مال الحربي ومال الوثني، ويشهد لذلك مال الزاني الذي يجب رجمه، ومال من يلزمه القصاص، وذلك القول هو المشهور عن علي # وعبدالله وأبي بكر وعمر.
  وروى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ أنه كان يستتيب المرتد ثلاثاً، فإن تاب وإلا قتله وقسم ميراثه بين ورثته من المسلمين(٣). فعم ولم يخص ما اكتسبه في حال الردة. فأما ما روي عن أبي بكر أنه غنم أموال أهل الردة فوجهه أنه صارت لهم منعة وصاروا بمنزلة أهل الحرب، ولذلك سبى ذراريهم.
  وأما أبو حنيفة فيقال له: لا خلاف أن المرتد لو رجع إلى الإسلام لكان ما اكتسبه قبل الردة أو في حال الردة يكون أجمع ماله وملكه، فكذلك إذا قتل يجب أن يكون حكم الحالين حكماً واحداً، وتحرير العلة فيه أن يقال: هو مال لو أسلم
(١) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٤/ ٧٥): فإن قيل: قد روي في أخبار أخر مطلقة: «لا يرث المسلم الكافر» من غير ذكر الملة. قيل له: هو خبر واحد ساقه بعضهم على وجهه وحذف بعضهم بعض اللفظ.
(٢) في (ج): أن يكون له مال.
(٣) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٤١).