شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الفرائض

صفحة 115 - الجزء 6

  الموارثة لو كان نقصاً لوجب أن نوارث الحربي.

  فإن قيل: لا يرثوننا ونرثهم كما لا ينكحون إلينا وننكح إليهم.

  قيل له: لسنا نجوز للمسلمين نكاح الذميات، فبطل هذا السؤال. على أن النكاح لم يوضع على الإرث؛ لأن القاتل ينكح امرأة المقتول ولا يرث ماله، وكذلك العبد ينكح ولا يرث.

  فأما المرتد فقد اختلف العلماء في ميراثه، فذهب أبو حنيفة إلى أن ما اكتسبه قبل الردة ورثه ورثته المسلمون، وما اكتسب بعد الردة كان لبيت المال، وأبو يوسف ومحمد لم يفصلا بين ما اكتسبه قبل حال الردة وبعدها، وقالا: هو لورثته، وبه قال يحيى بن الحسين #؛ لأنه أطلق القول في ذلك ولم يخص. قال الشافعي: ما اكتسبه قبل الردة وبعدها هو في بيت مال المسلمين.

  قلنا: إن ميراثه لورثته من المسلمين لعموم قوله ø: {۞يُوصِيكُمُ اُ۬للَّهُ فِے أَوْلَٰدِكُمْۖ}⁣[النساء: ١١] وسائر آيات المواريث، ولما روي عن علي # أنه قتل المستورد العجلي حين ارتد وجعل ميراثه لورثته من المسلمين⁣(⁣١).

  فإن قيل: يخصه حديث أسامة: «لا يرث المسلم الكافر».

  [قيل له: أما الحديث⁣(⁣٢): «لا يتوارث أهل ملتين»، و «لا يرث المسلم الكافر]⁣(⁣٣) ولا الكافر المسلم» فهو منع توارث أهل الملل المختلفة، ولا خلاف أنه لا ملة للمرتد، وأنه ليس من أهل الملل، يبين ذلك أن المرتد لا يرث من أهل الدين الذي انتقل إليه.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ٢٧٩) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٤١٥).

(٢) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٤/ ٧٥): قيل له: أصل الحديث: «لا يتوارث أهل ملتين، لا يرث المسلم الكافر» وإذا كان كذلك ولم يكن للمرتد ملة يقر عليها - إذ ليست الردة بملة واحدة - لم يتناوله الخبر، ألا ترى أن المرتد لا يرث من أهل الدين الذي انتقل إليه؟

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).