باب القول في الذين لا توارث بينهم
  والأصل فيه قوله ÷: «لا توارث بين أهل ملتين مختلفتين»، إلا أن كثيراً من العلماء ذهبوا إلى أن الكفر كله ملة واحدة، ونحن قد استقصينا الكلام في أن الكفر ملل مختلفة في كتاب النكاح، وذكرنا فيه ما روي عن النبي ÷ من قوله: «لا تقبل شهادة ملة على ملة إلا ملة الإسلام، فإن شهادة المسلمين جائزة على أهل الملل»، وبينا أن ذلك يوجب أن تكون ثلاث ملل؛ لأن أقل الجمع ثلاثة، فيقتضي أن الكفر أكثر من ملة واحدة، وبينا فيه أيضاً أن اسم الملة يتناول الشريعة، وأن شرائعهم مختلفة، فوجب أن تكون مللهم مختلفة، واستقصينا الكلام فيه استقصاء شافياً، فلا(١) وجه لإعادته.
مسألة: [فيمن انتقل من ملة كفرية إلى أخرى ثم مات وله ورثة على الملتين]
  قال: وإذا تنصر يهودي أو تهود نصراني أو مجوسي أقر على ما صار إليه، فإن مات وخلف ورثة على الملة التي انتقل [عنها والملة التي انتقل إليها كان ماله لورثته الذين هم على الملة التي انتقل](٢) إليها دون ورثته الذين هم على الملة التي انتقل عنها(٣).
  قد بينا في كتاب الحدود أن اليهودي إذا تنصر أو تمجس خلي بينه وبين ما صار إليه، وهذا معنى قولنا: أقر عليه، وبينا أنه لا يجب قتل من بدل دينه إلا أن يبدل الإسلام بالكفر، فإذا صح ذلك وصح أن ملل الكفر مختلفة صارت ملته ما انتقل إليها؛ لأنه انتقل إلى ملة وجب أن يخلى بينه وبينها، وإذا صارت تلك ملته وجب أن يوراثهم، ولم يجز أن يوارث أهل الملة التي انتقل عنها؛ لأنها ليست ملته.
(١) في (أ، ب، ج، د): «لا» بدون فاء.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٣) الأحكام (٢/ ٢٨٩).