باب القول في أدب القاضي
  قال أبو العباس الحسني: يجيء على مذهبه أن من كان يهاديه قبل القضاء يجوز أن يقبل هديته بعد القضاء، وكذلك هدية ذي الرحم؛ لأنه منع قبولها إذا كانت الهدية لمكان الولاية والتهمة(١)، والذي ذكرناه لا مسرح فيه لهذه العلة.
مسألة: [في إضافة القاضي لأحد الخصمين]
  قال: ولا يجوز له أن يضيف أحد الخصمين تخريجاً.
  وذلك لما روي عن النبي ÷ وعن علي # من النهي، وهو إذا منعه من تخصيص أحد الخصمين بالسلام دون خصمه كانت(٢) الضيافة بذلك أولى؛ لأنه خلاف التسوية بينهما، وكل ما أدى إلى أن يكون أحدهما مميزاً عنده عن صاحبه فيجب أن يجتنبه.
  قال: ويكره له حضور الدعوات.
  وهذا مما دل عليه كلامه في منع التخصيص لأحدهما بالإقبال والسلام.
  قال أبو العباس ¥: ذلك في خاص الدعوات؛ لأنها توجب التهم، والوليمة وما جرى مجراها ذكر أنه جائز له حضورها؛ إذ لا تهمة فيها، وقال: ذلك بشرط ألا يكون لصاحب الوليمة خصومة. وكل ذلك قريب.
  والأصل في جميع ذلك: أن يتوقى مواقع التهمة والتخصيص لأحد الخصمين؛ لأن كل ذلك مما نهي عنه وأجمع على أنه لا يجوز.
مسألة: [في خوض القاضي مع الخصم في أموره]
  قال: ولا يجوز له أن يخوض مع الخصم في شيء من أمره، أو يشير برأي، إلا أن يأمره بتقوى الله والإنصاف لخصمه(٣).
  وذلك أنه متى فعل شيئاً من ذلك يكون قد أعانه على خصمه وترك التسوية
(١) «والتهمة» ساقط من (هـ).
(٢) في (أ، ب، ج، د): كان.
(٣) الأحكام (٢/ ٣٥٠).