باب القول في أدب القاضي
  بينهما، وذلك مما لا يجوز، ولذلك منع منه، ولأن ذلك أيضاً يوجب التهمة.
  قال: ويكره للإنسان طلب القضاء والحرص عليه(١).
  لأنه تعرض لالتزام تكليف شديد لا يدري هل يؤديه أم لا؟ وهل يسلم منه أم لا؟ ولذلك روي: «من قلد القضاء فقد ذبح بغير سكين»(٢)، وروي عنه ÷: «من طلب القضاء وكل إلى نفسه»(٣)، وروي أن أبا ذر سأل النبي ÷ الإمارة فقال: «إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها»(٤).
  وهذا إذا لم يثق من نفسه بالوفاء أو كان بالمسلمين عنه غنىً بغيره، فأما إن وثق بنفسه، وعلم أن بالمسلمين إليه حاجة، وأنه إذا لم يطلبه لحق المسلمين ضرر - لم يكره له طلبه، بل ربما لزمه طلبه والتعرض له، فإنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين أوجبهما الله على عباده. وعلى هذا يجب أن يكون طلب الإمامة أيضاً.
مسألة: [في قضاء من قلد القضاء من جهة الظلمة]
  قال: ولو أن بعض الجورة قلد القضاء من يصلح له جاز قضاؤه تخريجاً.
  وهذا بينا وجهه في كتاب الوصايا؛ لأن المسألة مخرجة من مسألة في كتاب الوصايا، فلا وجه لإعادته.
(١) الأحكام (٢/ ٣٥٠).
(٢) أخرجه أبو داود في السنن (٢/ ٥٠٦) والترمذي (٣/ ٧).
(٣) أخرجه الترمذي (٣/ ٧) وابن ماجه (٢/ ٧٧٤).
(٤) أخرجه مسلم (٣/ ١٤٥٧).