شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 141 - الجزء 6

  قيل له: الحكام إنما نصبوا للاحتياط لكل واحد من الخصمين بما أمكن، وإذا كان حاضراً فالاحتياط في السؤال والرجوع إليه؛ لأنه لا ضرر على المدعي، وإذا كان غائباً فالاحتياط للمدعي في أن يبرم حكمه؛ لأنه لا يمكن سواه، فافترق حاله في الغيبة والحضور. على أن هذا يعترضه حكم الحاكم بعلمه، وحكمه على الغائب إذا كان هناك خصم آخر.

  فإن قيل: العلة في ذلك عدم⁣(⁣١) الإنكار.

  قيل له: لا يجوز أن يجعل ذلك علة؛ لأن الإنكار لا يؤثر في البينة، فصار وجوده وعدمه سواء، وما ذكرنا من الاحتياط معتبر في الأحكام، فصار ما بيناه أولى.

  فإن قيل: لما اتفقوا على أن المدعى عليه يحضر ويستحضر ثبت أن الحكم لا يجوز إلا بحضوره.

  قيل له: هذا منتقض إذا حكم الحاكم بعلمه⁣(⁣٢)، ومسألة الضمان. ويقال لهم: ذلك يفعل على سبيل الاحتياط؛ لأن الاحتياط يجب أن يؤخذ به ما أمكن، ومثاله ما قلناه من أن عادة قضاة المسلمين أنهم إذا سمعوا الدعوى والإنكار والبينة والعدالة⁣(⁣٣) أمهلوا الخصم مجلساً أو مجلسين أو مجالس⁣(⁣٤) ليورد حجته⁣(⁣٥) إن كانت له؛ لأن ذلك⁣(⁣٦) واجب؛ لأن فيه احتياطاً قد أمكن، فكذلك استحضاره.

  فإن قيل: قد أجمعوا أن القضاء للغائب لا يجوز، فكذلك على الغائب، والعلة غيبة أحد الخصمين.


(١) «عدم» ساقط من (د).

(٢) في (أ، ب، ج، د): إذا حكم بعلمه الحاكم.

(٣) كذا في المخطوطات.

(٤) «أو مجالس» ساقط من (ب، د).

(٥) في (ب، د، هـ): حجة.

(٦) في (د): لا أن.