شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 144 - الجزء 6

  قيل له: قد قيل في التفسير: إن المراد به ولي الحق يمله ويذكره به إن عجز عن الذكر والضبط، فيسقط⁣(⁣١) السؤال مع هذا.

  وأيضاً لا خلاف أن المبذر لا يحبس، فكذلك لا يحجر عليه، ولهذا قلنا: إنه يحجر عليه للدين؛ لأنه يحبس فيه لحق الغير، فجاز أن يحجر عليه بحق⁣(⁣٢) الغير.

  فإن قيل: روي الحجر عن عدة من الصحابة، وروي أن علياً # سأل عثمان أن يحجر على عبدالله بن جعفر⁣(⁣٣).

  قيل له: يحتمل أن يكون الحجر الذي رأوه كان حجر الدين، ونحن لا ننكره، وكذا الحجر الذي سأل علي # عثمان يجوز أن يكون حجر الدين؛ لأن عبدالله بن جعفر كان كثير الإفضال، ومن كان كذلك ربما ارتكبه الدين.

  فإن قيل: روي أنه سأل ذلك حين باع أو اشترى عبدالله شيئاً غبن فيه غبناً عظيماً، فصح أنه كان حجر التبذير.

  قيل له: لا يمتنع أن يكون كان ذلك حجر الدين؛ لأن من عليه الدين إذا باع أو اشترى مع الغبن لم يؤمن ذهاب ماله، وفيه توى ما عليه من الدين.

  ويقال لأبي يوسف والشافعي: لو كان السفه يوجب الحجر لم يفتقر إلى حكم الحاكم به، كالصبي والمجنون؛ ولأنه لما لم يحجر على نفسه لم يحجر على ماله كالرشيد.

  فأما ما يدل على وجوب الحجر للدين - خلافاً لأبي حنيفة - فما روي عن الصحابة وعلي # من غير إنكار أحد منهم، فإذا لم يجز أن يكون ذلك حجر السفه فلا بد من أن يكون حجر الدين؛ إذ ليس حجراً ثالثاً. ولأنه لما حجر على نفسه بالحبس بحق الغير جاز أن يحجر عليه ماله بحق الغير؛ لأن كل واحد منهما


(١) في (هـ): فسقط.

(٢) في (هـ): لحق.

(٣) أخرجه في مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٧) والدارقطني في السنن (٥/ ٤١٣، ٤١٤).