باب القول في الدعوى والبينات
  أرباعه لمدعي الكل، وربعه لمدعي النصف(١).
  وبه قال أبو حنيفة إذا لم يكن الشيء في يديهما.
  قال أبو يوسف ومحمد: يقسم بينهما على ثلاثة: لمدعي الكل ثلثان، ولمدعي النصف ثلث.
  وقول الشافعي على ما حكاه ابن سريج: أنه بينهما نصفان، وأظنه إذا كان في أيديهما، وعليه دل كلام ابن أبي هريرة فيما علق عنه.
  ووجه ما ذهبنا إليه: أن النصف من الجملة مسلم لمدعي الكل لا منازع له فيه، والنزاع في النصف الباقي، فإذا أقام مدعي النصف على النصف البينة، وأقام مدعي الكل على الكل البينة - كانت بينته على النصف ثابتة، فيجري هذا النصف مجرى شيء منفرد يدعيه رجلان ويقيم كل واحد منهما البينة عليه في أنه له، فيجب أن يقسم بينهما، كذلك هذا النصف يجب أن يقسم بينهما، فإذا قسم ذلك بين مدعي النصف ومدعي الكل وخلص النصف لمدعي الكل كان ذلك بينهما أرباعاً على ما قلناه، ونظيره ما نقوله في ابن وخنثى: إن للابن النصف لا منازعة فيه، وللخنثى الثلث لا منازعة فيه، والسدس فيه المنازعة، فيجب أن يكون بين الابن والخنثى.
  فأما أبو يوسف ومحمد فإنهما شبهاه بالابن والبنت في الإرث(٢)، فقالا: لما كان حق الابن يتعلق بالجميع وحق الابنة بالنصف وجب أن يكون للابن الثلثان وللابنة الثلث إذا اجتمعا.
  وهذا بعيد؛ لأنه ليس بينهما التباس وتنازع في الاستحقاق، ومسألتنا فيها بينهما تنازع والتباس في الاستحقاق، فكان رده إلى التنازع في الشيء المنفرد أولى، وبهذا نجيب إن ردوه إلى العول وإلى الديون.
(١) المنتخب (٥٠٢).
(٢) «في الإرث» ساقط من (ب، د، هـ).