كتاب القضاء والأحكام
  وذكر أبو بكر الجصاص(١) أن الوجه في ذلك أن كل من أدلى بسبب صحيح ثابت في الحال ضرب به في الجميع، ومعناه أن كل واحد منهما يضرب بنصيبه الذي يستحقه لو انفرد، كالابن والابنة، والأختين من الأب والأم والأختين(٢) من الأم مع الزوج في مسألة العول، وكرجل له على(٣) رجل ألف درهم [ولآخر خمسمائة، ولم يخلف إلا ألف درهم](٤) وما أشبه ذلك، وما كان سببه غير ثابت بل يكون موقوفاً فإنه يجب أن يقسم بينهما أرباعاً؛ فلذلك قال ما(٥) قال في مسألة الدعوى.
  وما حكي عن الشافعي فمبني على أن بينة من في يده الشيء أولى، فمدعي الكل أقام البينة على ما في يده، وهو النصف، ومدعي النصف قد أقام البينة على ما في يده، وهو النصف على أنه مقر له به، فسلم له، ولم تسمع عليه بينة مدعي الكل. ونحن نبين بعد هذا أن بينة الخارج أولى، فسقط(٦) هذا.
  فأما إن كان الشيء في أيديهما فعند أبي حنيفة أنه إذا أقام كل واحد منهما البينة على صحة دعواه حكم بالجميع لمدعي الكل، ولم يحكم لمدعي النصف بشيء؛ لأنه قد ثبت أن بينة الخارج أولى من بينة من في يده الشيء، فمدعي الكل يكون مقيماً للبينة على ما في يد خصمه، وهو مدعي النصف؛ إذ(٧) ما في يده من النصف يسلم له لا تنازع فيه، ومدعي النصف يكون مقيماً للبينة على ما في يده من النصف؛ إذ لا يدعي النصف الذي في يد خصمه، وهو مدعي الكل، فكل واحد منهما أقام البينة على النصف الذي في يد مدعي النصف، فسقطت بينته،
(١) شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٢٠٦).
(٢) في (ج): وأختين.
(٣) كذا في المخطوطات. والصواب: عليه لرجل.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).
(٥) في (ب، د): بما.
(٦) في (ب، د، هـ): فيسقط.
(٧) في (أ، ج): إذا.